Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 73-73)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ والَّذينَ كفَرُوا بعْضُهم أولياءُ بعْضٍ } فى النصر والإرث قاله ابن عباس ، فلا مدخل لكم فيهم ، جانبوهم وصارموهم ، ولو كانوا أقارب لا توارثوهم ولا تعاونوهم ولا توادوهم ، وإنما ذلك فيما بينهم من بعض لبعض ، قرئ أولى ببعض ، أما الكافر فلا يرث المسلم إجماعا ولو أسلم الكافر ولو بالولاء خلافا له أيضا فى الولاء ، هذا ما عليه الجمهور ، وأبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلى ، وعليه مالك ، وأبو حنيفة ، وأحمد ، والشافعى ، وما ذكره عبد الوهاب المالكى عنه أن المسلم يرث عبده الكافر لم يصح عنه ، وفى الحديث " لا يرث المسلم ، أى الموحد ، الكافر أى المشرك " وقال معاذ بن جبل ، ومعاوية ، وأبو المسيب ومسروق ، والأوزاعى يرث المسلم الكافر لخبر " الإسلام يزيد ولا ينقص " أو " الإسلام يعلو ولا يعلى عليه " وقياساً على النكاح ، والاغتنام ، والقصاص فى الدماء التى لا تتكافأ ، وأجيب عن الخبر إن صح بأنه يزيد ويعلق بفتح البلاد ، ولا ينقص ولا يعلى عليه بالارتداد ونحوه . وعن العباس بأنه مردود لأن العبد ينكح الحرة ولا يرثها ، والمسلم يغنم مال الحربى ولا يرثه ، ولأن النكاح مبناه على الوالد وقضاء الوطر ، والإرث على المولاة والمناصرة ، لكن لما كان اتصالنا بهم بالتزوج فيه تشريف لهم ، اختص بأهل الكتاب ، وإن مات كافر عن زوجة حامل وأسلمت ثم ولدت ، ورثه الولد على قول من قال إسلام الأم إسلام لولدها ، والمشهور خلافه إلا إن كان ابن أمة ، وقال بعض إن تلك المسألة مستثناة من قولهم لا يرث المسلم الكافر ، وأجاب بعضهم بأنه إنما ورث حال الحكم عليه بحكم إليه وهو حاله فى بطن أمه وأبوه حى ، والولادة إنما هى شرط لتحقق الإرث . والكفر بأنواعه ملة واحدة فيتوارثون عند الشافعى وأبى حنيفة ، لأن أعظم الأمور يجمعهم وهو الشرك ، فاختلافهم كاختلاف المذاهب فى الإسلام ، وهم كالنفس الواحدة فى البطلان ، والاجتماع على المسلمين ، ولقوله تعالى { والذين كفروا بعضهم أولياء بعض } وقوله { لكم دينكم ولى دين } وقوله { ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم } وقوله { فماذا بعد الحق إلا الضلال } وفى الاستدلال بالآية الثالثة نظر ، فإن المراد لن ترضى عنك اليهود حتى تتبع ملتها ، ولا النصارى حتى تتبع ملتها ، وصحح بعضهم وذلك القول . وقال مالك ، وأحمد اليهود ملة ، والنصارى ملة ، ومن عداهم ملة ، والأولى أن يقول والصابئون ملة ، و المجوس ملة ، والوثنية ملة ، ولا يتوارث أهل ملتين كما فى الحديث ، وقال الله تعالى { لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا } وأجيب بأن المراد ملة الكفر ، وملة التوحيد ، كما جاء فى بعض الطرق ، لا يرث المسلم الكافر ، وأن المعنى لكل من دخل فى دين محمد جعلنا القرآن له شرعة ومنهاجا ، وقيل الذين كفروا بعضهم أولياء بعض فى النصر . { إلاَّ تفْعلوهُ } إن لا تفعلوا ما ذكر من موالاة بعضكم بعضا ، حتى فى الميراث ، تفضيلا لنسب الدين على نسب القرابة ، ومن قطع العلائق بينكم وبين الكفار ، حتى أن قرابتهم كلا قرابة ، ولا يخفى أن إلا هى إن الشرطية ولا النافية ، أو دغمت النون فى اللام قال ابن هشام ولقد بلغنى أن بعض من يدعى الفضل سأل فى { إلا تفعلوه } فقال ما هذا الاستثناء ؟ أمتصل أم منقطع ؟ انتهى . قال الدمامينى ينبغى أن يجاب بأنه متصل بالجهل ، منقطع عن الفضل ، ومن قال الآية فى التناصر دون الميراث رد الضمير إلى ما ذكر من الموالاة وهى التناصر ، وتذكيره بتأويل المذكور والتناصر ، ووجود الفتنة إنما يكون قريبا مع عدم التناصر ، وأما بعدم الإرث فبعيد ، ويجوز عود الضمير على حفظ الميثاق ، أو على نصر المستنصرين فى الدين أو على ذلك كله . { تكُن فتنةٌ } حرب { فى الأرضِ } عظيمة ، وقيل فتنة عظيمة وهى ضعف الإيمان ، وقوة الشرك ، وذكر الأرض ، أو شعار بالانتشار والكون تام { وفَسادٌ كبيرٌ } فى الدين ، وعن بعضهم الفتنة قوة الكفار ، والفساد هو ضعف المسلمين ، وقيل الفتنة الحرب وما ينجر معها من الغازات والجلاء والأسر ، والفساد ظهور الشرك ، وقيل الفتنة الشرك ، وإذا كان فهو فساد كبير ، ولا شئ أسرع من ذلك وقوعا إذا لم يكن المسلمون يدا واحدة ، وقرأ الجحدرى ، عن الكسائى وفساد كثير بالثاء المثلثة ، وذكر أبو حاتم وهو مدنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ وفساد عريض ، وقال قتادة نزل ذلك فى من يتربص يقول من غلب كنت معه ، وقيل فى قوم يلتجئون إلى المؤمنين وإلى المشركين تارة كما يأتى .