Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 72-72)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إنَّ الَّذينَ آمنُوا وهَاجرُوا } أوطانهم ، وأقاربهم ، وأموالهم حبا لله ورسوله ، والمفاعلة لأنك إذا هجرت شيئا فقد هجرك { وجاهَدُوا بأمْوالهم } كالإنفاق والسلاح والخيل { وأنفُسهِم فى سبيلِ اللهِ } بمباشرة القتال وهم المهاجرون الأولون { والذين آوَوْا ونَصرُوا } ضموا النبى صلى الله عليه وسلم والمهاجرين إلى منازلهم ، وأسكنوهم إياها ، وقاموا بهم ونصروهم على أعدائهم المشركين والمنافقين ، وهم الأنصار رضى الله عنهم { أولئِكَ بعْضُهم أولياءُ بعضٍ } فى الميراث والنصر . { والَّذينَ آمنُوا ولَم يُهاجِرُوا مَا لكُم مِن وَلايَتهمْ } ميراثهم ونصرهم { مِنْ شئٍ حتَّى يُهاجرُوا } كانوا يتوارثون بالهجرة والنصرة دون أقاربهم من الكفار ، حتى فتحت مكة ، ونسخت الهجرة نسخ ذلك بقوله سبحانه { وأولوا الأرحام } الخ فتوارثوا بالأرحام ، وكان الرجل قبل ذلك يسلم ولا يهاجر فلا يرثه أخوه ، ولا يرث أخاه فى النسب ، وآخى النبى صلى الله عليه وسلم بين أبى بكر وخارجة ، وبين أبى عبيدة وسعد بن معاذ على المواساة ، وأن يتوارثوا بعد الموت دون ذوى الأرحام وقال " تواخوا فى الله أخوين " واحد من الأنصار وواحد من المهاجرين . وآخى قبل الهجرة أيضا بين المسلمين فى مكة ، كما روى أنه آخى بين أبى بكر وعمر ، وكان إذا مات المهاجر وترك أخاه الأنصارى ، وأخاه النسبى ، وإذا مات الأنصارى وترك أخاه النسبى المؤمن ، وأخاه المهاجر ورثه النسبى كما ذكره ابن عباس ، والحسن ، وابن زيد ، ومجاهد ، وقتادة . وروى أنه آخى بين المهاجرين والأنصار بعد قدومه بخمسة أشهر ، وكانوا تسعين رجلا ، من كل طائفة خمسة وأربعين ، ونسخ ذلك بعد الفتح بقوله { وأولى الأرحام } الخ فى هذه السورة ، وقيل بالذى فى الأحزاب ، وعلى الأول فقوله فى هذه السورة { وأولى الأرحام } متأخر النزول ، وكان ذلك فيما قال الحسن حضاً للأعراب على الهجرة ، هل المهاجرون أفضل أو الأنصار ؟ قيل المهاجرون لأنهم مبدأ الإسلام وأصله ، ولأن مفارقتهم أقاربهم وديارهم ، وأموالهم وأصحابهم ، أشد على النفس من إنفاق المال ، وإسكان المنازل وهو الصحيح ، لأن مفارقتهم منازلهم مقابل بإسكان الأنصار منازلهم للمسلمين المهاجرين ، وقد أنفق المهاجرون الأموال فقدرهم ، كما أنفق الأنصار وفاقوا بمفارقة ما ذكر ، وبما أوذوا فى الله وغير ذلك . وأما نحو قوله صلى الله عليه وسلم " لو سلك الناس مسلكا لسلكت مسلك الأنصار " فقاله تطيبا لأنفسهم ، وشفقة لهم ، وصدق أنه يسلك مسلكهم لا بيان لكونهم أعظم ثوابا ، وكانت الخلافة فى المهاجرين ، وقيل الأنصار أفضل وقرأ ابن وثاب ، والأعمش ، وحمزة ولايتهم بكسر الواو وتشبيها بما يدل على الحرفة ، كأنه بتوليه صاحبه يحاول عملا فهو شبيه بنحو الحراثة والخياطة والزراعة ، قاله شيخ الإسلام وغيره ، وذلك أن الثلاثى المفتوح والمكسور الدالين على حرفة أو استيلاء قياس مصدرهما الفعالة بالكسر ، ولو متعديين ، ولا يخفى أن الفتح فى الآية أجود ، ولغة الكسر دون ذلك كما قال الأخفش ، فخطأ الأصمعى فى تخطئته الأعمش حين قرأ بالكسر بل تقول ما قرأ به إلا وقد رواه لغة . { وإنِ اسْتنصرُوكم } طلبوا منكم النصر { فى الدِّينِ فَعليْكم النَّصْر } أن تنصروكم على المشركين { إلا عَلى قومٍ } أى إلا النصر على قوم مشركين { بينكُم وبيْنَهم ميثاقٌ } عهد فلا تنقضوا عهدهم بالنصر عليهم { واللهُ بما تعْمَلونَ بصيرٌ } خطاب للمسلمين ، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمى ، والأعرج بالتحتية ، وعليه فالضمير للذين آمنوا ولم يهاجروا ، أو للقوم الذين لهم ميثاق .