Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 100-100)
Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ والسَّابقُون الأوَّلونَ } مبتدأ وخبر ، أى السابقون بالخير هم الأولون ، أو مبتدأ أو نعت ، والخبر رضى الله عنهم { مِنَ المهاجرينَ والأنْصارِ } أما السابقون من المهاجرين فالذين صلوا إلى القبلتين ، وأما من الأنصار فأهل بيعة العقبة الأولى ، وهم سبعة ، وأهل العقبة الثانية وكانوا سبعين ، والذين آمنوا حين قدم عليهم فى المدينة أبو زرارة مصعب بن عمير ، علمهم القرآن . وقيل أهل العقبة الأولى وهم ستة ، والثانية وهم اثنا عشر ، وقيل أحد عشر ، والثالثة وهم سبعون منهم البراء بن معرور ، وعبد الله ابن عمرو ، وابن حزام ، وسعد بن عبادة ، وسعد بن الربيع ، وعبد الله ابن رواحة ، أما الستة فأبوا أمامة سعد بن زرارة ، وعوف بن الحارث ابن رفاعة ، وهو ابن عفراء ، ورافع بن مالك بن عجلان ، وقطبة بن عامر بن حديدة ، وعقبة بن عامر بن نابى ، وجابر بن عبد الله بن رباب ، وليس بجابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام ، ومنهم من يجعل فيهم عبادة بن الصامت ، وبعضهم يجعله بدل جابر ، واعدوه أن يرجعوا إلى عشائرهم ويدعوهم إلى الإسلام بعد أن يصلحوا ذات بينهم ليجتمعوا عليه ، وقد كانت قبل عامهم ذلك حرب ، وأن يرجعوا العام القابل فلم تبق دار إلا وفيها ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولقيه فى القابل اثنا عشر ، وهم أصحاب العقبة الثانية ، وهم الستة إلا جابر ومعاذ بن الحارث بن رفاعة ، أخو عوف ، وذكر أن ابن عبد قيس الزرقى ، وعبادة بن الصامت ، وأبو عبد الرحمن يزيد بن ثعلبة ، والعباس بن عبادة ، وهم من الخزرج ، وأبو الهيثم بن التيهان بإسكان التحتية ، وقيل بتشديدها من بنى عبد الأشهل ، وعويم بن ساعدة ، وهما من الأوس ، وكان أسعد يجتمع بمن أسلم فى المدينة ، وكتب إليه الأوس والخزرج أن ابعثوا إلينا من يعلمنا القرآن ، فبعث إليهم مصعبا ، وقيل كتب إلى مصعب بهم أن يجتمع بهم ، وبايعه الاثنا عشر كبيعة النساء بعد ، وعلى السمع والطاعة ، فى العسر واليسر ، والمنشط والمكره ، وقبول تفضيله غيرهم عليهم ، وعدم منازعة الأمر أهله ، والقول بالحق بلا خوف لوم لائم وأظهر الله الإسلام بهم فى المدينة . وكانت الجمع فى الصلاة بأربعين رجلا ، أسلم بيد مصعب كثير منهم سعد بن معاذ ، وأسيد بن حضير ، وأسلم بهم جميع بنى عبد الأشهل فى يوم واحد إلا عمرو بن ثابت ، فأسلم يوم أحد واستشهد ولم يسجد سجدة ، وأخبر صلى الله عليه وسلم أنه من أهل الجنة ، ولم يكن فى بنى عبد الأشهل ، ففى العام الثالث ، وأهلها سبعون رجلا ، وقيل وامرأتان ، وقيل يريدون رجلا أو رجلين . وقال ابن إسحاق ثلاثة وسبعون وامرأتان ، وقال الحاكم خمسة وسبعون منهم ثلاث نسوة ، وأول من بايع البراء بن معرور ، وقيل أبو الهيثم ، وقيل أسعد بايعوه يومئذ على منعه مما يمنعون أهلهم ، وعلى حرب العرب والعجم ، وحضر هذه العقبة العباس يتوثق له صلى الله عليه وسلم ، وكان على دين قومه ، وذلك ليلا . وأول من هاجر أبو سلمة بن عبد الأسد ، ثم عامر بن ربيعة ، وامرأته ليلى ، ثم عبد الله بن جحش ، ثم المسلمون أرسالا ، ثم عمر ابن الخطاب وأخوه زيد ، وعياش بن ربيعة فى عشرين راكبا ، ثم عثمان ، قيل حتى لم يبق معه إلا أبو بكر وعلى ، وذكر بعض أن ذكوان رجل من المدينة إلى مكة ، وسكنها معه صلى الله عليه وسلم ، ثم هاجر وهو مهاجرى أنصارى ، قتل يوم أحد . وقيل { السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار } هم أهل بدر ، وحولت القبلة قبل بدر بشهرين ، وقيل الذين أسلموا قبل الهجرة ، وقيل أهل بيعة الرضوان ، وقال محمد بن كعب القرظى جميع الصحابة لحصول السبق لهم بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو ضعيف ، لأن من أسلم يوم الفتح ليس مهاجريا ولا أنصاريا ، ولا يشمل اللفظ ، وكذا سائر من أسلم ، وليس بواحد . وقيل كل من هاجر قبل نسخ الهجرة ، وكل من أسلم من الأوس والخزرج على عهده صلى الله عليه وسلم ، وقد قسم الصحابة ثلاثة مهاجرى ، وأنصارى ، وسائر من أسلم من الصحابة ، إلا إن قيل المراد بالأنصار كل ناصر لرسول الله لو لم يكن من الأوس والخزرج ، وهم طبقات من أسلم أول البعث كخديجة ، وأبى بكر ، وعلى ، ومن أسلم بحمل عمر بعد إسلامه النبى صلى الله عليه وسلم ومن معه إلى دار الندوة ، ومن هاجر إلى الحبشة كجعفر بن أبى طالب ، وكانوا أحد عشر ، وقيل اثنا عشر معهم أربع نسوة ، وقيل خمس ، وقيل اثنتان وأميرهم عثمان بن مظعون ، وقال الزهرى لم يكن فيهم أمير . وأول من خرج عثمان بن عفان مع رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خبرهما عنه فأخبرته امرأته بأنه قد حمل امرأته على حمار ، فقال إن عثمان أول من هاجر بأهله بعد لوط ، وفيهم من هاجر بأهله سواء ، وذلك سنة خمس من النبوة ، وأصحاب العقبة الأولى ، وأصحاب الثانية ، وأصحاب الثالثة ، ومن هاجر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولحقه بقباء قبل بناء المسجد ، والانتقال إلى المدينة ، وأهل بدر الكبرى ، ومن هاجر بين بدر والحديبية ، ومن بايع بيعة الرضوان ، ومن هاجر بعد الحديبية وقبل الفتح كخالد وعمرو بن العاص ، وأبو هريرة ، ورجح أنه هاجر قبل الحديبية عقب خيبر فى أواخر خيبر ، ومن أسلم يوم الفتح وهم خلق كثير ما بين بائع وكار ، ثم حسن إسلامه ، ومن هو صبى أدرك النبى صلى الله عليه وسلم وأراه يوم الفتح أو بعده فى حجة الوداع وغيرها ، كالسائب بن زيد . وأول الناس إسلاماً خديجة ، هى من أول مَنْ صلى معه صلى الله عليه وسلم ، ثم أبو بكر ، وقيل أسلم قبله على ، وعليه الأكثر ، بل قال ابن عبد البر باتفاق وهو صبى ذو عشر سنين ، بمعنى أنه صدق به ، وكره أمر قومه ، وقيل أقل من عشر ، وقيل أكثر ، وقيل بالغ ، والصحيح خلافه ، وقيل تلاها فى الإسلام ورقة بن نوفل ، وقيل زيد بن حارثة . ويجمع ذلك بأن أول من أسلم على الإطلاق خديجة ، وأول من أسلم من الرجال الأحرار ، وأظهر إسلامه ودعى إليه أبو بكر ، وأول من أسلم منهم بدون إفشاء ودعاء إليه ورقة ، وأول من صدق به وأذعن له من الصبيان على ، ومن الموالى زيد بن حارثة ، ومن العبيد بلال ، وأول امرأة أسلمت بعد خديجة أم الفضل زوج العباس ، وأسماء بنت أبى بكر ، قيل وعائشة ، ويرده أنها حينئذ لم تولد ، وإنما ولدت سنة أربع من البعثة . وأسلم بعد زيد عثمان ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد ابن أبى وقاص ، وطلحة بن عبيد الله ، دعاهم أبو بكر فاستجابوا له ، ثم أبو عبيدة عامر بن الجراح ، وأبو سامة عبد الله بن عبد الأسد ، والأرقم بن أبى الأرقم المخزومى ، وعثمان بن مظعون ، وأخوه أدامة ، وعبد الله وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف ، وسعيد بن زيد بن عمر بن نفيل ، وامرأته فاطمة بنت الخطاب . ولم يسلم بسبب أحد أكثر مما أسلم بأبى بكر ، والأمثل ما أسلم به ، وذلك أنه محبب فى قومه ، وكان سهلا لينا أنسب قريش لقريش ، وأعلمها بما فيها ، وسخيا وذا خلق حسن ، وكان يدعو من يثق به من قومه ، وقرأ عمر والحسن وقتادة ويعقوب برفع الأنصار عطفا على السابقون ، وعلى القراءتين يكون عطف ما بعد . { والَّذينَ اتَّبعوهُم بإحْسانٍ } إلى يوم القيامة وقيل بقية المهاجرين والأنصار ، سوى السابقين ، وقال عطاء هم الذين يذكرون فيترحمون عليهم ، ويدعون لهم ، وفى حديث " من أقام الصلاة ، وآتى الزكاة ، ومات ولا يشرك بالله شيئا غفر الله له حقا هاجر أو قعد فى مولده إنما يتقبل الله من المتقين " وذلك بعد نسخ الهجرة ، وكون الجهاد تطوعا . قال " وإنما فى الجنة لمائة درجة بين كل درجتين كما بين السماء والأرض للمجاهدين ، ولولا أن أشق على أمتى ، ولا أجد ما أحملهم عليه ، ولا تطيب أنفسهم بالتخلف ، ما قعدت خلف سرية ، ولوددت أن أقاتل فى سبيل الله سبحانه وتعالى فأقتل ، ثم أحيا ، ثم أقتل ، ثم أحيا ، ثم أقتل " قال جمهور العلماء السلف والخلف إن الصحابة أفضل الخلق بعد النبى صلى الله عليه وسلم ، وفى الحديث " خير الناس قرنى ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " أو قاله ثلاثا ، واختلفوا فى القرن من عشرة إلى مائة وعشرين ، وقال فى فتح البارى لم أر من صرح بالتسعين ، ولا بمائة وعشرة . قلت قال العلامة الشيخ إبراهيم اللقانى قد رأينا الإمام الفارقانى صرح بقول من قال إنه تسعون ، وقول من قال إنه مائة وعشرة ، وقال صاحب المحكم هو القدر المتوسط من أعمار أهل كل زمان ، وهذا أعدل الأقوال والترتيب فى قوله " ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " بالنسبة إلى المجموع عند ابن عبد البر ، قال قد يكون فيمن يأتى بعد الصحابة أفضل ممن كان فى جملة الصحابة . وفى حديث أبى أمامة " طوبى لمن رآنى وآمن بى ، وطوبى سبع مرات لمن لم يرنى وآمن بى " وفى حديث عمر " أفضل الخلق إيمانا قوم فى أصلاب الرجال يؤمنون بى ولم يرونى ، فهم أفضل الخلق إيمانا " لكن سنده ضعيف ، وفى حديث أبى عبيدة بن الجراح " يا رسول الله هل أحد خير منا ؟ أسلمنا معك ، وجاهدنا معك ؟ قال " قوم يكونون بعدكم يؤمنون بى ولم يرونى " . وكتب عمر بن عبد العزيز لما ولى الخلافة إلى كل من فقهاء زمانه أن أكتب إلىَّ بسيرة عمر ، منهم سالم بن عبد الله ، فكلهم كتب إليه أن عملت بسيرة عمر ، فأنت أفضل من عمر ، لأن زمانك ليس كزمان عمر ، ولا رجالك كرجال عمر . وفى حديث " مثل أمتى مثل المطر ، لا يدرى آخره خير أم أوله " وفى حديث " ليدركن المسيح أقواما إنهم لمثلكم أو خير ثلاثا ، وأن يخزى الله أمة أنا أولها والمسيح آخرها " وفى حديث " تأتى أيام للعامل فيهن أجر خمسين منكم " وقال الجمهور إنه لا يكون غير الصحابى كالصحابى ، ولا أفضل منه ولو صحبة ، ورآه مرة من عمره . واشتهر فى كتبنا الفقهية أن واحدا ممن يأتى خير من سبعين من أبى بكر وعمر ، وهذا مما يناسب مذهب ابن عبد البر ، وهذا ما مر الاستدلال به يقتضى التسوية بين أول الأمة وآخرها فى فضل العمل ، قال ابن عبد البر إلا أهل بدر والحديبية ، وأجيب من جانب الجمهور بأن مجرد زيادة الأجر لا يستلزم ثبوت الأفضلية المطلقة ، وبأن الأجر إنما يقع تفاضله بالنسبة إلى ما يماثله فى ذلك العمل . وأما ما فاز به من شاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من المشاهدة له ، والقتال معه ، أو بأمره ، والإنفاق بسببه فلا يعدله أحد فى الفضل ، قال الله تعالى { لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح } الآية وبأنه يحتمل أن يقول ذلك قبل علمه بأفضلية الصحابة ، ولما علمها صرح بقوله " لو أنفق أحدكم ملء الأرض ذهبا لم يبلغ مُدّ أحدهم ولا نصيفه " وبقوله " خير القرون قرنى " وأيضا هم ضبطوا الشرع لمن يأتى . وذكر بعض أن الخلاف فى صحابى لم يحصل له إلا مجرد الرؤية ، وأن قد زاد بنحو رواية أو غزو فلا نزاع فيه أنه أفضل ، وكان عمر يرى الذين اتبعوه بغير واو ، وقيل الذين فيكون نعتا للأنصار ، قال له زيد ابن ثابت إنه بالواو ، فقال إيتونى بأبىّ بن كعب ، فقال بالواو ، فقال عمر ما كنا نرى إلا أنا قد رفعنا رفعة لا ينالها معنا أحد ، فقال أبى إن مصداق هذا فى سورة الجمعة { وآخرين منهم لما يلحقوا بهم } وفى سورة الحشر { والذين جاءوا من بعدهم يقولون } الآية ، وفى سورة الأنفال { والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم } ورجع عمر إلى قول زيد . وروى أنه سمع قارئا بالواو وقال من أقرأك ؟ فقال أبىّ ، فدعاه فقال أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنك لتبيع القرظ بالبقيع ، قال صدقت ، وإن شئت قلت شهدنا وغبتم ، ونصرنا وخذلتم ، وآوينا وطردتم ، يشير رضى الله عنه إلى قريش . { رَضىَ اللهُ عنْهُم } بالتوفيق وقبول الأعمال { ورَضُوا عَنْه } بما أفاض عليهم من نعم الدنيا والآخرة { وأعدَّ لَهم جَنَّاتٍ تَجْرى تَحْتَها الأنهارُ } وقرأ ابن كثير وحده من تحتها كذا فى مصاحف أهل مكة وحدها { خَالدِينَ فِيهَا أبداً ذَلكَ الفوْزُ العَظيمُ } جعلنا الله من التابعين بإحسان .