Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 111-111)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ المؤمِنينَ أنفسَهُم وأمْوالَهم بأنَّ لَهم الجنَّة } ترغيب فى الجهاد والإنفاق فيه ، وتمثيل لإثابة الله إياهم الجنة على بذل أموالهم وأنفسهم فى سبيله ، لا حقيقة شراء ، لأنهم خلق له وملك ، وأمواله رزق منه وملك له ، وبيَّن ما لأجله الشراء بقوله { يُقاتِلونَ } بأموالهم وأنفسهم { فى سَبيلِ اللهِ فيَقْتلونَ } أعداء الله { ويُقْتلُون } وقرأ حمزة والكسائى بتقديم المبنى للمفعول ، وكذا قرأ النخعى ، وابن وثاب ، وطلحة ، والأعمش ، ومعلوم أن الواو لا تفيد الترتيب ، فلا يقال على هذه القراءة كيف يوصفون بأنهم قاتلون بعد وصفهم بأنهم مقتولون ؟ ومعلوم أنه قد يسند إلى البعض ما للكل ، فليسوا كلهم قاتلين ، ولا كلهم مقتولين . وقيل وجه الشراء أنه وهب لهم أنفسهم وأموالهم ثم اشتراها منهم ، وقال ابن عيينة اشترى منهم أنفسهم أن لا يعلموها إلا فى طاعة الله ، وأموالهم أن لا ينفقوها إلا فى سبيله ، فالآية تعم الطاعات كلها ، فقوله يقاتلون إلخ بيان لبعضها ، وهو أعظم ما روى أن الطاعات فى الجهاد كقطرة فى البحر ، وفى الحديث " إن فوق كل بر برا حتى يبذل العبد دمه ، فإذا فعل فلا بر فوق ذلك " والأول قول الجمهور ، ولا ثمن أغلى من ذلك ، اشترى بعضا من الدنيا بالجنة . قال بعض العلماء ما من مسلم إلا ولله فى عنقه هذه البيعة ، وفى بها أو لم يوف ، وجملة يقاتلون مستأنفة ، أو حال ، وقيل حال فى تفسير الجمهور ، ومستأنفة فى تفسير ابن عيينة ، ويجوز أن يكون يقاتلون بمعنى الأمر ، فيكون مستأنفا . { وعْداً عَليه حَقًّا } مصدران لعالمين محذوفين من لفظيهما ، مؤكدان لمضمون قوله { إن الله اشترى } فإن شراءه بالجنة وعد بها ، وحق أكد الله ذلك بأن ، وأكده بأن المشترى هو الله المقدس عن الكذب والحيل ، وبالشراء بدلا من الإثابة ، فإن ما به الشراء أحق بالإنجاز ، وبقوله { وعداً } وبقوله { عليه } وهو نعت لوعد ، أو متعلق بحق ، أو حال منه ، وبقوله { حقًّا } ولو جعل نعت لوعد أو بقوله { فى التَّوراة والإنْجيلِ والقُرآنِ } تعلق بمحذوف ، وذلك المحذوف نعت لوعداً أو حقا ، أو حال أى مذكورا فى الكتب الثلاثة ، وهذا جار مجرى إشهاد وكتب الله وملائكته ورسله ، ويجوز أن يرد أن تلك الأمم أمرت بالجهاد ، وفيه أيضا تأكيد ، وأكد أيضا بقوله { ومَنْ أوفَى بعَهْدِه مِنَ اللهِ } استفهام إنكارى أى لا أحد أوفى منه ، فوعده منجز لا محالة ، وحق قطعا ، فإن إخلاف الميعاد أقبح لا يقدم عليه المخلوق الكريم ، مع جواز الحاجة والافتقار عليه ، فكيف بالغنى الذى لا يجوز عليه قبح قط ؟ وقد روى " أن أعرابيا مر برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ الآية ، فقال الأعرابى كلام من هذا ؟ قال " كلام الله " قال بيع والله مربح ، لا نقيله ولا نستقيله " ، فخرج إلى الغزو واستشهد بقوله { فاسْتبشِرُوا } أى افرحوا التفات إلى الخطاب { ببَيْعكُم } لأنفسكم وأموالكم بالجنة { الَّذِى بايعْتُم } مفاعلة من البيع ، وذلك أنهم باعوا من الله ، وباع منهم الله { بِه } فإنه شىء عظيم أحق بالفرح ، والاستبشار استفعال لغير الطلب ، بل لموافقة المجرد ، كأنه قيل فأبشروا ، بل هو للتأكيد بالزيادة التى فيه ، فكأنه قيل افرحوا به غاية الفرح ، وهذا تأكيد آخر ، فإن الأمر من مجرد الفرح يستلزم أعظم المفروح به ، فكيف الأمر بغاية الفرح وأكد أيضا بقوله { وذَلكَ } البيع { هُو الفَوزُ } وبقوله { العَظيمُ } قال أبو الفضل بن الجوهرى على منبر بمصر ناهيك من صفقة البائع فيها رب العلى ، والثمن جنة المأوى ، والواسطة محمد المصطفى .