Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 8-8)

Tafsir: Himyān az-zād ilā dār al-maʿād

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ كَيفَ } يكون لهم عهد تمسكوا به ، أو كيف يكون لهم عهد يوفى لهم به ، وقد نقضوه ، فإعراب كيف كإعراب كيف السابقة ، وإنما كررت تأكيدا لاستبعاد كون عهد لهم ، ويجوز أن يقدر كيف يثبتون على العهد ، أو كيف يبقى حكم العهد لهم مع نقضهم له ، فكيف حال أو كيف ثبوتهم على العهد ، أو كيف بقاء حكمه لهم ، فهى خبر للمبتدأ بعدها { وإنْ يظْهرُوا } الواو للحال ، والحال أنهم إن يعلوا { عَليْكم } بالغلبة . { لا يَرقبُوا } لا يراعوا ولا يحافظوا ، أو لا ينظروا { فِيكُم إلاًّ } حلفا ووجه تسمية الحلف إلا أنهم إذا تماسحوا بالأيدى عند المخالفة ، رفعوا أصواتهم ، وشهروا أمرهم ، ورفع الصوت يقال له إلّ وإليل ، فقيل لكل عهد وميثاق إلّ ، وإلا فالإل فى الآية صحيح اللام مضاعف ، والإلية بمعنى الحلف معتلة غير مضاعف ، وذلك قول قتادة ، فقال ابن عباس إلا قرابة ، وجهه أن القرابة مثل ذلك المذكور من رفع الصوت بالمحالفة فى العقد ، بل أشد عقدا ، ومثله قول بعضهم إلا رحما ، وذلك كله استعارة ، وقيل حقيقة ، وقيل الإل التحديد ، فإن المحالفة على الشىء إغراء عليه ، وقيل اللمعان ، فإن المحالفة فى شهرتها كشىء ساطع لامع ، وقيل إلا اسم الله تعالى بالعبرانية ، فإنما صرف مع وجود العلمية والعجمة ، لأنه ثلاثى ساكن الوسط كما يقال له أيضا بالعبرانية إيل . وقد قالوا معنى جبرا وعزرا وميكا وإسراف فى الأصل عبد ، وإيل الله فى جبريل وعزرائيل وميكائيل وإسرافيل ، ولكن بدلت همزة هذا شذوذا ، أو حذفت همزته ، وقد قرىء جبرال براء فهمزة مكسورة مشددة مثل إلاًّ فى الآية ، غير أن جبرال منع الصرف لأنه صير اسما واحدا فوق الثلاثى . ولما سمع أبو بكر رضى الله عنه كلام مسيلمة الكذاب قال هذا كلام لم يخرج من إل ، أى لم يكن من الله ، وقرأ عكرمة مولى ابن عباس لا يراقبوا فيكم إيلا بهمزة مكسورة فياء ساكنة من معناه الله ، ويجوز أن يكون الأصل إلا بهمزة ، فلام مشددة أبدلت اللام المدغمة ياء ، كما أبدلت الميم المدغمة ياء فى إما المكسورة الهمزة ، فيحتمل المعانى السابقة ، ويجوز أن يكون إل يؤل إذا ساس كما قال عمر رضى الله عنه قد إلنا وإيل علينا ، أى لا يرقبوا فيكم سياسة ولا مداراة ، قلبت الواو ياء لسكونها بعد كسر ، وقرأت فرقة ألاًّ بفتح الهمزة مصدرا بمعنى العهد . { ولا ذِمَّةً } عهدا أو حقا تركه عيب ، قال الأصمعى الذمة كلما يجب أن يحفظ ويحمى ، وقال مجاهد الإيل والذمة بمعنى العهد ، كرر تأكيدا مع اختلاف اللفظ { يُرضُونكُم } مضارع أرضى المتعدى بالهمزة { بأفْواهِهِم } هذا كلام مستأنف فى بيان مخالفة ظاهرهم لباطنهم المنافية للثبات على العهد ، المؤدية إلى عدم مراقبتهم فيكم إلا ولا ذمة إن ظفروا بكم ، وليس الكلام حالا من الواو فى قوله { لا يرقبوا } لأنهم بعد ظهورهم على المؤمنين لا يرضونهم بأفواههم ، بل يصرحون بالطعن فيهم ، ولأن المراد ثبات إرضائهم المؤمنين بألسنتهم بالكلام الجميل ، وبوعد الإيمان ، والوفاء بالعهد ، والطاعة وإخفاء العداوة . { وتَأبَى } تمنع وتكره { قُلُوبهمْ } ما تنطق به أفواههم ، أو تمتنع قلوبهم مما تنطق أفواههم ، فأبى على الأول متعد ، وعلى الثانى لازم { وأكْثَرهُم فاسِقُونَ } خارجون عن المروءة والأمور التى يستحسنها أهل الشرك مما هو حسن ، كالصدق والوفاء بالعهد والوعد ، والتعفف عما يدنس العرض ، وما يثير السوء والفتن ، لأنه لا عقيدة لهم تردعهم عن ذلك ، وأما القليل منهم فلم يخرج عن ذلك ، بل كان عدلا فى دين الشرك وذمهم بذلك الفسق ، مع أن الشرك أقبح منه ، لأنه هو القبيح عندهم ، لا الشرك ، ولأنه متعد إلى حق الغير ، ولأن جامع الشرك ذلك الفسق أقبح ممن أشرك ولم يفسق ذلك الفسق ، أو المراد بالفسق كل فسق ، واستثناء القليل مراد به من سوء من يوفى بالدين ، أو ليس التعبير بالأكثر استثناء للقليل ، بل الأكثر بمعنى الكل .