Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 27-27)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فيه أربع مسائل : الأولى : قوله تعالى : { فَقَالَ ٱلْمَلأُ } قال أبو إسحق الزجاج : الملأ الرؤساء أي هم مليئون بما يقولون . وقد تقدّم هذا في « البقرة » وغيرها . { مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً } أي آدميًّا . { مِّثْلَنَا } نصب على الحال . و { مثلنا } مضاف إلى معرفة وهو نكرة يقدر فيه التنوين كما قال الشاعر : @ يا رُبَّ مِثْـلِكِ فـي النِّسـاءِ غَرِيـرَةٍ @@ الثانية : قوله تعالى : { وَمَا نَرَاكَ ٱتَّبَعَكَ إِلاَّ ٱلَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا } أَرَاذل جمع أَرْذُل وأَرْذُل جمع رَذْل مثل كَلْب وأكْلُب وأَكَالب . وقيل : والأراذل جمع الأَرْذل ، كأَسَاود جمع الأَسْوَد من الحيّات . والرَّذْل النّذْل أرادوا ٱتبعك أخِسّاؤنا وسَقَطُنا وسفلتنا . قال الزجاج : نسبوهم إلى الحِياكة ولم يعلموا أن الصناعات لا أثر لها في الديانة . قال النحاس : الأراذل هم الفقراء ، والذين لا حسب لهم ، والخسيسو الصناعات . وفي الحديث : " إنهم كانوا حاكَة وحَجَّامين " . وكان هذا جهلاً منهم لأنهم عابوا نبيّ الله صلى الله عليه وسلم بما لا عيب فيه لأن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ، إنما عليهم أن يأتوا بالبراهين والآيات ، وليس عليهم تغيير الصور والهيئات ، وهم يرسَلون إلى الناس جميعاً ، فإذا أسلم منهم الدنيء لم يلحقهم من ذلك نقصان لأن عليهم أن يقبلوا إسلام كل من أسلم منهم . قلت : الأراذل هنا هم الفقراء والضعفاء كما قال هِرَقْل لأبي سفيان : أشراف الناس ٱتبعوه أم ضعفاؤهم ؟ فقال : بل ضعفاؤهم فقال : هم أتباع الرسل . قال علماؤنا : إنما كان ذلك لاستيلاء الرياسة على الأشراف ، وصعوبة الانفكاك عنها ، والأَنَفة من الانقياد للغير والفقير خلِيٌّ عن تلك الموانع ، فهو سريع إلى الإجابة والانقياد . وهذا غالب أحوال أهل الدنيا . الثالثة : اختلف العلماء في تعيين السّفلة على أقوال فذكر ٱبن المبارك عن سفيان أن السّفلة هم الذين يَتَقلَّسون ، ويأتون أبواب القضاة والسلاطين يطلبون الشهادات . وقال ثعلب عن ابن الأعرابي : السّفِلة الذين يأكلون الدنيا بدينهم قيل له : فمن سفلة السّفلة ؟ قال : الذي يُصلح دنيا غيره بفساد دينه . وسئل علي رضي الله عنه عن السّفلة فقال : الذين إذا اجتمعوا غَلَبوا وإذا تفرقوا لم يعرفوا . وقيل لمالك بن أنس رضي الله عنه : مَن السّفلة ؟ قال : الذي يسبّ الصحابة . وروي عن ٱبن عباس رضي الله عنهما : الأرذلون الحاكَة والحجّامون . يحيـى بن أَكْثَم : الدّبّاغ والكنّاس إذا كان من غير العرب . الرابعة : إذا قالت المرأة لزوجها : يا سَفِلة ، فقال : إن كنتُ منهم فأنتِ طالق فحكى النقاش أن رجلاً جاء إلى التّرمذي فقال : إن ٱمرأتي قالت لي يا سَفِلة ، فقلت : إن كنتُ سَفِلة فأنت طالق قال التّرمذيّ : ما صناعتك ؟ قال : سماك قال : سَفِلة واللَّهِ ، سَفلة والله سفلة . قلت : وعلى ما ذكره ابن المبارك عن سفيان لا تطلق ، وكذلك على قول مالك ، وابن الأعرابي لا يلزمه شيء . قوله تعالى : { بَادِيَ ٱلرَّأْيِ } . أي ظاهر الرأي ، وباطنهم على خلاف ذلك . يقال : بدا يبدو إذا ظهر كما قال : @ فاليـوم حيـن بَـدَوْن للنُّظـار @@ ويقال للبرّية بادية لظهورها . وبدا لي أن أفعل كذا ، أي ظهر لي رأي غير الأول . وقال الأزهري : معناه فيما يبدو لنا من الرأي . ويجوز أن يكون { بَادِيَ الرَّأْيِ } من بدأ يبدأ وحذف الهمزة . وحَقَّق أبو عمرو الهمزة فقرأ : « بَادِىء الرأي » أي أوّل الرأي أي ٱتبعوك حين ٱبتدؤوا ينظرون ، ولو أمعنوا النظر والفكر لم يتبعوك ولا يختلف المعنى هاهنا بالهمز وتَرك الهمز . وانتصب على حذف « في » كما قال عز وجل : { وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ } [ الأعراف : 155 ] { وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ } أي في ٱتباعه وهذا جحد منهم لنبوّته صلى الله عليه وسلم . { بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ } الخطاب لنوح ومن آمن معه .