Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 28-31)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيۤ } أي على يقين قاله أبو عِمران الجُونيّ . وقيل : على معجزة وقد تقدّم في « الأنعام » هذا المعنى . { وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ } أي نبوّة ورسالة عن ٱبن عباس وهي رحمة على الخلق . وقيل : الهداية إلى الله بالبراهين . وقيل : بالإيمان والإسلام . « فَعَمِيَتْ عَلَيْكُمْ » أي عمِيت عليكم الرسالة والهداية فلم تفهموها . يقال : عَمِيتُ عن كذا ، وعَمِي عليّ كذا أي لم أفهمه . والمعنى : فَعمِيت الرحمةُ فقيل : هو مقلوب لأن الرحمة لا تَعمَى إنما يُعمَى عنها فهو كقولك : أدخلت في القَلَنْسُوة رأسي ، ودخل الخفُّ في رجلي . وقرأها الأعمش وحمزة والكسائي { فَعُمِّيَتْ } بضم العين وتشديد الميم على ما لم يُسمَّ فاعله أي فعمّاها الله عليكم وكذا في قراءة أُبيّ « فعَمَّاها » ذكرها الماورديّ . { أَنُلْزِمُكُمُوهَا } قيل : شهادة أن لا إله إلا الله . وقيل : الهاء ترجع إلى الرحمة . وقيل : إلى البينة أي أنلزمكم قبولها ، وأُوجبها عليكم ؟ ٰ وهو استفهام بمعنى الإنكار أي لا يمكنني أن أضطركم إلى المعرفة بها وإنما قصد نوح عليه السلام بهذا القول أن يردّ عليهم . وحكى الكسائيّ والفرّاء « أَنُلْزِمْكُمُوهَا » بإسكان الميم الأولى تخفيفاً وقد أجاز مثل هذا سيبويه ، وأنشد : @ فاليومَ أَشربْ غيرَ مُستَحْقِبٍ إِثْماً مِنَ اللَّهِ وَلاَ وَاغِلِ @@ وقال النحاس : ويجوز على قول يونس في غير القرآن أنلزمكمها يجري المضمر مجرى المظهر كما تقول : أنلزمكم ذلك . { وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ } أي لا يصح قبولكم لها مع الكراهة عليها . قال قتادة : والله لو ٱستطاع نبي الله نوح عليه السلام لألزمها قومه ولكنه لم يملك ذلك . قوله تعالى : { وَيٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ } أي على التبليغ ، والدعاء إلى الله ، والإيمان به أجراً أي { مَالاً } فيثقل عليكم . { إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ } أي ثوابي في تبليغ الرسالة . { وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } سألوه أن يطرد الأراذل الذين آمنوا به ، كما سألت قريش النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يطرد الموالي والفقراء ، حسب ما تقدّم في « الأنعام » بيانه فأجابهم بقوله : { وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّلاَقُو رَبِّهِمْ } يحتمل أن يكون قال هذا على وجه الإِعظام لهم بلقاء الله عزّ وجلّ ، ويحتمل أن يكون قاله على وجه الاختصام أي لو فعلت ذلك لخاصموني عند الله ، فيجازيهم على إيمانهم ، ويجازي من طردهم . { وَلَـٰكِنِّيۤ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ } في ٱسترذالكم لهم ، وسؤالكم طردهم . قوله تعالى : { وَيٰقَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ ٱللَّهِ } قال الفرّاء : أي يمنعني من عذابه . { إِن طَرَدتُّهُمْ } أي لأجل إيمانهم . { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } أدغمت التاء في الذال . ويجوز حذفها فتقول : تَذَكَّرون . قوله تعالى : { وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلاَ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ } أخبر بتذلّله وتواضعه لله عزّ وجلّ ، وأنه لا يدّعي ما ليس له من خزائن الله وهي إنعامه على من يشاء من عباده وأنه لا يعلم الغيب لأن الغيب لا يعلمه إلا الله عزّ وجلّ . { وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ } أي لا أقول إن منزلتي عند الناس منزلة الملائكة . وقد قالت العلماء : الفائدة في الكلام الدلالة على أن الملائكة أفضل من الأنبياء لدوامهم على الطاعة ، وٱتصال عباداتهم إلى يوم القيامة ، صلوات الله عليهم أجمعين . وقد تقدّم هذا المعنى في « البقرة » . { وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِيۤ أَعْيُنُكُمْ } أي تستثقل وتحتقر أعينكم والأصل تزدريهم حذفت الهاء والميم لطول الاسم . والدّال مبدلة من تاء لأن الأصل في تزدري تَزْتَرِي ، ولكن التّاء تبدل بعد الزاي دالا لأن الزّاي مجهورة والتّاء مهموسة ، فأبدل من التاء حرف مجهور من مخرجها . ويقال : أَزْرَيتُ عليه إذا عِبتَه . وزرَيتُ عليه إذا حقَّرته . وأنشد الفرّاء : @ يُباعدهُ الصديقُ وتَزْدَريهِ حَلِيلتُهُ ويَنْهَرُه الصَّغيرُ @@ { لَن يُؤْتِيَهُمُ ٱللَّهُ خَيْراً } أي ليس لاحتقاركم لهم تبطل أجورهم ، أو ينقص ثوابهم . { ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ } فيجازيهم عليه ويؤاخذهم به . { إِنِّيۤ إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ } أي إن قلت هذا الذي تقدّم ذكره . و « إِذًا » ملغاة لأنها متوسطة .