Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 114, Ayat: 4-4)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعني : مِن شر الشيطان . والمعنى : من شر ذي الوسواس فحذف المضاف قاله الفرّاء : وهو بفتح الواو بمعنى الاسم أي المُوسوِس . وبكسر الواو المصدر يعني الوسوسة . وكذا الزَّلزال والزِّلزال . والوسوسة : حديث النفس . يقال : وسوست إليه نفسه وَسْوسة ووِسوسَة بكسر الواو . ويقال لهمس الصائد والكلاب وأصوات الحُلِيّ : وسْواس . قال ذو الرمة : @ فباتَ يُشْئِزه ثَأدٌ ويُسْهِرُهُ تَذَؤُّبُ الريحِ والوَسْواسُ والْهِضَبُ @@ وقال الأعشى : @ تسمع للحلَى وسَوْاساً إذا انصرفت كما استعانَ بريحٍ عِشْرِقٌ زَجِلُ @@ وقيل : إن الوسواس الخناس ابن لإبليس ، جاء به إلى حواء ، ووضعه بين يديها وقال : اكْفُلِيه . فجاء آدم عليه السلام فقال : ما هذا يا حواء ! قالت : جاء عدونا بهذا وقال لي : اكْفُليه . فقال : ألم أقل لكِ لا تطيعيه في شيء ، هو الذي غرنا حتى وقعنا في المعصية ؟ وعمد إلى الولد فقطعه أربعة أرباع ، وعلق كل ربع على شجرة ، غيظاً له فجاء إبليس فقال : يا حواء ، أين ابني ؟ فأخبرته بما صنع به آدم عليه السلام فقال : يا خَنَّاس ، فحيي فأجابه . فجاء به إلى حواء وقال : اكفليه فجاء آدم عليه السلام فحرَّقه بالنار ، وذرّ رماده في البحر فجاء إبليس عليه اللعنة فقال : يا حوّاء ، أين ابني ، فأخبرته بفعل آدم إياه فذهب إلى البحر ، فقال : يا خَنَّاس ، فحيي فأجابه . فجاء به إلى حواء الثالثة ، وقال : اكفليه . فنظر إليه آدم ، فذبحه وشواه ، وأكلاه جميعاً . فجاء إبليس فسألها فأخبرته حواء . فقال : يا خَنَّاس ، فحيي فأجابه فجاء به من جوف آدم وحوّاء . فقال إبليس : هذا الذي أردت ، وهذا مسكنك في صدر ولد آدم فهو ملتقم قلب ابن آدم ما دام غافلاً يوسوس ، فإذا ذكر الله لفظ قلبه وانخنس . ذكر هذا الخبر الترمذيّ الحكيم في نوادر الأصول بإسناد عن وهب بن منبه . وما أظنه يصح ، والله تعالى أعلم . ووُصِف بالخناس لأنه كثير الاختفاء ومنه قوله تعالى : { فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلْخُنَّسِ } [ التكوير : 15 ] يعني النجوم ، لاختفائها بعد ظهورها . وقيل : لأنه يَخْنِس إذا ذكر العبدُ الله ، أي يتأخر . وفي الخبر : " إن الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا غفل وَسْوس ، وإذا ذكر الله خَنس " أي تأخر وأقصر . وقال قتادة : « الخَنَّاس » الشيطان له خرطوم كخرطوم الكلب في صدر الإنسان ، فإذا غفل الإنسان وسوس له ، وإذا ذكر العبد ربه خَنَس . يقال : خَنَسْتُهُ فخَنَسَ أي أخرته فتأخر . وأَخنسته أيضاً . ومنه قول أبي العلاء الحضرمِيّ أنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ : @ وإنْ دَحَسُوا بالشَّرّ فاعْفُ تَكرما وإنْ خَنَسُوا عندَ الحديثِ فلا تَسَلْ @@ الدَحْس : الإفساد . وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الشيطان واضع خَطْمه على قلب ابن آدم ، فإذا ذكر الله خَنَس ، وإذا نسِي الله التقم قلْبه فوسوس " وقال ابن عباس : إذا ذكر اللَّهُ العبدَ خَنَس من قلبه فذهب ، وإذا غفل الْتَقَم قلبه فحدّثه ومَنَّاه . وقال إبراهيم التيمِيّ : أوّل ما يبدو الوسواس من قِبل الوضوء . وقيل : سمي خَنَّاساً لأنه يرجع إذا غَفَل العبدُ عن ذكر الله . والخَنَس : الرجوعُ . وقال الراجز : @ وصاحبٍ يَمْتَعِسُ امتِعاساً يزدادُ إن حَيَّيْتُه خِناسا @@ وقد روى ابن جُبير عن ابن عباس في قوله تعالى : { ٱلْوَسْوَاسِ ٱلْخَنَّاسِ } وجهين : أحدهما : أنه الراجع بالوسوسة عن الهدى . الثاني : أنه الخارج بالوسوسة من اليقين .