Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 105-108)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } قال الخليل وسيبويه : هي « أيّ » دخل عليها كاف التشبيه وبُنيت معها ، فصار في الكلام معنى كَمْ ، وقد مضى في « آل عمران » القول فيها مستوفى . ومضى القول في آية « السَّمَوَاتِ والأرْضِ » في « البقرة » . وقيل : الآيات آثار عقوبات الأمم السالفة أي هم غافلون معرضون عن تأملها . وقرأ عكرمة وعمرو بن فائد « وَالأَرْضُ » رفعاً ٱبتداء ، وخبره . { يَمُرُّونَ عَلَيْهَا } . وقرأ السّدي « وَالأَرْضَ » نصباً بإضمار فعل ، والوقف على هاتين القراءتين على « السموات » . وقرأ ٱبن مسعود : « يمشون عليها » . قوله تعالى : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِٱللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } نزلت في قوم أقرّوا بالله خالقهم وخالق الأشياء كلها ، وهم يعبدون الأوثان قاله الحسن ومجاهد وعامر والشَّعبي وأكثر المفسرين . وقال عِكرمة هو قوله : { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ } [ الزخرف : 87 ] ثم يصفونه بغير صفته ويجعلون له أنداداً وعن الحسن أيضاً : أنهم أهل كتاب معهم شِرْكٌ وإيمان ، آمنوا بالله وكفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم فلا يصح إيمانهم حكاه ابن الأنباري . وقال ابن عباس : نزلت في تلبية مشركي العرب : لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك . وعنه أيضاً أنهم النصارى . وعنه أيضاً أنهم المشبّهة ، آمنوا مجملاً وأشركوا مُفَصَّلاً . وقيل : نزلت في المنافقين المعنى : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِٱللَّهِ } أي باللسان إلا وهو كافر بقلبه ذكره الماورديّ عن الحسن أيضاً . وقال عطاء : هذا في الدعاء وذلك أن الكفار يَنْسَون ربهم في الرّخاء ، فإذا أصابهم البلاء أخلصوا في الدعاء بيانه : { وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ } [ يونس : 22 ] الآية . وقوله : { وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ } الآية . وفي آية أخرى : « وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ » . وقيل : معناها أنهم يدعون الله ينجيهم من الهَلَكة ، فإذا أنجاهم قال قائلهم : لولا فلان ما نجونا ، ولولا الكلب لدخل علينا اللّص ، ونحو هذا فيجعلون نعمة الله منسوبة إلى فلان ، ووقايته منسوبة إلى الكلب . قلت : وقد يقع في هذا القول والذي قبله كثير من عوامّ المسلمين ولا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم . وقيل : نزلت هذه الآية في قصة الدُّخَان وذلك أن أهل مكة لما غشيهم الدُّخَان في سنيّ القَحْط قالوا : { رَّبَّنَا ٱكْشِفْ عَنَّا ٱلْعَذَابَ إِنَّا مْؤْمِنُونَ } [ الدخان : 12 ] فذلك إيمانهم ، وشركهُم عودُهم إلى الكفر بعد كشف العذاب بيانه قوله : { إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ } [ الدخان : 15 ] والعود لا يكون إلا بعد ٱبتداء فيكون معنى : « إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ » أي إلا وهم عائدون إلى الشرك ، والله أعلم . قوله تعالى : { أَفَأَمِنُوۤاْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ ٱللَّهِ } قال ابن عباس : مُجلّلة . وقال مجاهد : عذاب يغشاهم نظيره . { يَوْمَ يَغْشَاهُمُ ٱلْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ } [ العنكبوت : 55 ] . وقال قَتَادة : وقِيعة تقع لهم . وقال الضحّاك : يعني الصَّواعِق والقَوَارِع . { أَوْ تَأْتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ } يعني القيامة . { بَغْتَةً } نصب على الحال وأصله المصدر . وقال المبرد : جاء عن العرب حال بعد نكرة وهو قولهم : وقع أمر بغتة وفجأة قال النحاس : ومعنى : « بَغْتَةً » إصابة من حيث لم يتوقّع . { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } وهو توكيد . وقوله : « بَغْتَةً » قال ابن عباس : تَصيح الصيحة بالناس وهم في أسواقهم ومواضعهم ، كما قال : { تَأُخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ } [ يۤس : 49 ] على ما يأتي . قوله تعالى : { قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِيۤ } ٱبتداء وخبر أي قل يا محمد هذه طريقي وسُنَّتي ومِنْهَاجِي قاله ابن زيد . وقال الرّبيع : دعوتي . مقاتل : ديني ، والمعنى واحد أي الذي أنا عليه وأدعو إليه يؤدّي إلى الجنة . { عَلَىٰ بَصِيرَةٍ } أي على يقين وحقّ ومنه : فلان مستبصر بهذا . { أَنَاْ } توكيد . { وَمَنِ ٱتَّبَعَنِي } عطف على المضمر . { وَسُبْحَانَ ٱللَّهِ } أي قل يا محمد : « وَسُبْحَانَ اللَّهِ » . { وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } الذين يتخذون من دون الله أنداداً .