Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 11-12)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { قَالُواْ يَـأَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ } قيل للحسن : أيحسِد المؤمن ؟ قال : ما أنساك ببني يعقوب ! ولهذا قيل : الأب جلاّب والأخ سلاّب فعند ذلك أجمعوا على التفريق بينه وبين ولده بضرب من الاحتيال . وقالوا ليعقوب : « يَا أَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ » وقيل : لما تفاوضوا وافترقوا على رأي المتكلم الثاني عادوا إلى يعقوب عليه السلام وقالوا هذا القول . وفيه دليل على أنهم سألوه قبل ذلك أن يخرج معهم يوسف فأبى على ما يأتي . قرأ يزيد بن القَعْقَاع وعمرو بن عُبيد والزّهْريّ « لاَ تَأَمَنَّا » بالإدغام ، وبغير إشمام وهو القياس لأن سبيل ما يدغم أن يكون ساكناً . وقرأ طلحة بن مُصَرِّف « لاَ تَأْمَنُنّا » بنونين ظاهرتين على الأصل . وقرأ يحيـى بن وثّاب وأبو رَزِين وروي عن الأعمش « لا تِيْمّنَّا » بكسر التاء ، وهي لغة تميم يقولون : أنت تِضرب وقد تقدّم . وقرأ سائر الناس بالإدغام والإشمام ليدلّ على حال الحرف قبل إدغامه . { وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ } أي في حفظه وحيطته حتى نردّه إليك . قال مقاتل : في الكلام تقديم وتأخير وذلك أن إخوة يوسف قالوا لأبيهم : « أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً » الآية فحينئذ قال أبوهم : « إنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ » فقالوا حينئذ جواباً لقوله : « مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ » الآية . { أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً } إلى الصحراء . { يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ } « غداً » ظرف ، والأصل عند سيبويه غَدْوٌ ، وقد نطق به على الأصل قال النّضر بن شميل : ما بين الفجر وصلاة الصبح يقال له غُدوة ، وكذا بُكرة . « نَرْتَعْ وَنَلْعَبْ » بالنون وإسكان العين قراءة أهل البصرة . والمعروف من قراءة أهل مكة . « نَرْتَعِ » بالنون وكسر العين . وقراءة أهل الكوفة . « يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ » بالياء وإسكان العين . وقراءة أهل المدينة بالياء وكسر العين القراءة الأولى من قول العرب رَتَع الإنسان والبعير إذا أَكَلا كيف شاءا والمعنى : نتسع في الخِصب وكل مخصِب راتع قال : @ فـارعَـيْ فـزارةُ لا هَنَـاكِ المَـرْتَـعْ @@ وقال آخر : @ تَرْتَعُ ما غَفَلتْ حتى إذا ادّكرتْ فإنمَّا هي إقبالٌ وإدبارُ @@ وقال آخر : @ أكفراً بعد رَدِّ الموتِ عنِّي وبعد عَطائِكَ المائةَ الرتِّاعَا @@ أي الراتعة لكثرة المرعى . وروى مَعْمر عن قَتَادة « ترتع » تسعى قال النحاس : أخذه من قوله : « إنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ » لأن المعنى : نستبق في العَدْو إلى غاية بعينها وكذا « يرتع » بإسكان العين ، إلا أنه ليوسف وحده صلى الله عليه وسلم . و « يرتع » بكسر العين من رعي الغنم ، أي ليتدرب بذلك ويترجَّل فمرّة يرتع ، ومرة يلعب لصغره . وقال القُتَبيّ « نرتع » نَتَحارس ونَتَحافظ ، ويرعى بعضنا بعضاً من قولك : رعاك الله أي حفظك . « ونلعب » من اللعب وقيل لأبي عمرو بن العلاء : كيف قالوا « ونلعب » وهم أنبياء ؟ فقال : لم يكونوا يومئذ أنبياء . وقيل : المراد باللعب المباح من الانبساط ، لا اللعب المحظور الذي هو ضدّ الحق ولذلك لم ينكر يعقوب قولهم « ونلعب » . ومنه قوله عليه السلام : " فهَلاَّ بِكْراً تُلاعبها وتُلاعبكَ " وقرأ مجاهد وقَتَادة : « يُرتِع » على معنى يُرتِع مطيته ، فحذف المفعول « ويَلْعَبُ » بالرفع على الاستئناف والمعنى : هو ممن يلعب . { وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } من كل ما تخاف عليه . ثم يحتمل أنهم كانوا يخرجون ركباناً ، ويحتمل أنهم كانوا رجّالة . وقد نقل أنهم حملوا يوسف على أكتافهم ما دام يعقوب يراهم ، ثم لما غابوا عن عينه طرحوه ليعدو معهم إضراراً به .