Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 7-9)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ } يعني من سأل عن حديثهم . وقرأ أهل مكة « آيةٌ » على التوحيد وٱختار أبو عبيد « آيَاتٌ » على الجمع قال : لأنها خير كثير . قال النحاس : و « آية » هنا قراءة حسنة ، أي لقد كان للذين سألوا عن خبر يوسف آية فيما خبّروا به ، لأنهم سألوا النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو بمكة فقالوا : أخبرنا عن رجل من الأنبياء كان بالشام أُخرج ٱبنه إلى مصر ، فبكى عليه حتى عمي ؟ ولم يكن بمكة أحد من أهل الكتاب ، ولا من يعرف خبر الأنبياء وإنما وجّهَ اليهودُ إليهم من المدينة يسألونه عن هذا فأنزل الله عز وجل سورة « يوسف » جملة واحدة فيها كل ما في التوراة من خبر وزيادة فكان ذلك آية للنبيّ صلى الله عليه وسلم ، بمنزلة إحياء عيسى ابن مريم عليه السلام الميت . « آيَاتٌ » موعظة وقيل : عبرة . وروي أنها في بعض المصاحف « عبرة » . وقيل : بصيرة . وقيل : عجب تقول فلان آية في العلم والحسن أي عجب . قال الثعلبيّ في تفسيره : لما بلغت الرؤيا إخوة يوسف حسدوه وقال ٱبن زيد : كانوا أنبياء ، وقالوا : ما يرضى أن يسجد له إخوته حتى يسجد له أبواه ! فبغوه بالعداوة ، وقد تقدّم ردّ هذا القول . قال الله تعالى : { لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ } وأسماؤهم : روبيل وهو أكبرهم ، وشمعون ولاوي ويهوذا وزيالون ويشجر ، وأمهم ليا بنت ليان ، وهي بنت خال يعقوب ، وولد له من سريتين أربعة نفر دان ونفتالي وجاد وآشر ، ثم توفيت ليا فتزوّج يعقوب أختها راحيل ، فولدت له يوسف وبنيامين ، فكان بنو يعقوب ٱثني عشر رجلاً . قال السّهيلي : وأمّ يعقوب ٱسمها رفقا ، وراحيل ماتت في نفاس بنيامين ، وليان بن ناهر بن آزر هو خال يعقوب . وقيل : في ٱسم الأَمَتين ليا وتلتا ، كانت إحداهما لراحيل ، والأخرى لأختها ليا ، وكانتا قد وهبتاهما ليعقوب ، وكان يعقوب قد جمع بينهما ، ولم يحلّ لأحد بعده لقول الله تعالى : { وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ ٱلاخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ } [ النساء : 23 ] وقد تقدّم الردّ على ما قاله ٱبن زيد ، والحمد لله . قوله تعالى : { إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ } « يوسف » رفع بالابتداء واللام للتأكيد ، وهي التي يتلقى بها القسم أي والله ليوسف . { وَأَخُوهُ } عطف عليه . { أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا } خبره ، ولا يثنى ولا يجمع لأنه بمعنى الفعل وإنما قالوا هذا لأن خبر المنام بلغهم فتآمروا في كيده . { وَنَحْنُ عُصْبَةٌ } أي جماعة ، وكانوا عشرة . والعصبة ما بين الواحد إلى العشرة ، وقيل : إلى الخمسة عشر . وقيل : ما بين الأربعين إلى العشرة ولا واحد لها من لفظها كالنفر والرهط . { إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } لم يريدوا ضلال الدين ، إذ لو أرادوه لكانوا كفاراً بل أرادوا لفي ذهاب عن وجه التدبير ، في إيثار ٱثنين على عشرة مع ٱستوائهم في الانتساب إليه . وقيل : لفي خطأ بيّن بإيثاره يوسف وأخاه علينا . قوله تعالى : { ٱقْتُلُواْ يُوسُفَ } في الكلام حذف أي قال قائل منهم : « ٱقْتُلُوا يُوسُفَ » ليكون أحسم لمادة الأمر . { أَوِ ٱطْرَحُوهُ أَرْضاً } أي في أرض ، فأسقط الخافض وٱنتصب الأرض وأنشد سيبويه فيما حذف منه « في » : @ لَدْنٌ بهَزِّ الْكَفِّ يَعْسِلُ مَتْنُهُ فيه كما عَسَلَ الطَّرِيقَ الثَّعْلَبُ @@ قال النحاس : إلا أنه في الآية حسَن كثير لأنه يتعدّى إلى مفعولين ، أحدهما بحرف ، فإذا حذفت الحرف تعدّى الفعل إليه . والقائل قيل : هو شمعون ، قاله وهب بن منبّه . وقال كعب الأحبار دان . وقال مقاتل : روبيل والله أعلم . والمعنى أرضا تبعد عن أبيه فلا بدّ من هذا الإضمار لأنه كان عند أبيه في أرض . { يَخْلُ } جزم لأنه جواب الأمر معناه : يخلص ويصفو . { لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ } فيقبل عليكم بكليته . { وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ } أي من بعد الذنب ، وقيل : من بعد يوسف . { قَوْماً صَالِحِينَ } أي تائبين أي تحدثوا توبة بعد ذلك فيقبلها الله منكم وفي هذا دليل على أن توبة القاتل مقبولة ، لأن الله تعالى لم ينكر هذا القول منهم . وقيل : « صَالِحِينَ » أي يصلح شأنكم عند أبيكم من غير أثرة ولا تفضيل .