Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 18-20)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ } اختلف النحويون في رفع « مَثَلُ » فقال سيبويه : ارتفع بالابتداء والخبر مضمر التقدير : وفيما يُتلى عليكم أو يُقَصّ « مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ » ثم ابتدأ فقال : « أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ » أي كمثل رماد { ٱشْتَدَّتْ بِهِ ٱلرِّيحُ } . وقال الزجاج : أي مَثَل الذين كفروا فيما يتلى عليكم أعمالُهم كرماد ، وهو عند الفرّاء على إلغاء المَثَل ، التقدير : والذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد . وعنه أيضاً أنه على حذف مضاف التقدير : مثل أعمال الذين كفروا بربهم كرماد وذكر الأول عنه المهدويّ ، والثاني القُشَيريّ والثّعلبيّ ويجوز أن يكون مبتدأ كما يقال : صفة فلان أسمر فـ « مَثَلُ » بمعنى صفة . ويجوز في الكلام جر « أعمالهم » على بدل الاشتمال من « الَّذِينَ » وٱتصل هذا بقوله : { وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } والمعنى : أعمالهم مُحْبَطة غير مقبولة . والرماد ما بقي بعد ٱحتراق الشيء فضرب الله هذه الآية مثلاً لأعمال الكفّار في أنه يمحقها كما تمحق الرّيحُ الشديدة الرّمادَ في يوم عاصف . والعَصْفُ شدة الريح وإنما كان ذلك لأنهم أشركوا فيها غير الله تعالى . وفي وصف اليوم بالعُصُوف ثلاثة أقاويل : أحدها أن العُصُوف وإن كان للريح فإن اليوم قد يوصف به لأن الرّيح تكون فيه ، فجاز أن يقال : يوم عاصف ، كما يقال : يوم حارّ ويوم بارد ، والبرد والحرّ فيهما . والثاني أن يريد { فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ } الرّيح لأنها ذكرت في أول الكلمة ، كما قال الشاعر : @ إذا جـاء يـومٌ مُظْلِـمُ الشَّمسِ كـاسِفُ @@ يريد كاسف الشمس فحذف لأنه قد مرّ ذكره ذكرهما الهَرَويّ . والثالث أنه من نعت الريح غير أنه لما جاء بعد اليوم أتبع إعرابه كما قيل : جُحْرُ ضَبٍّ خرِبٍ ذكره الثعلبيّ والماورديّ . وقرأ ٱبن أبي إسحق وإبراهيم بن أبي بكر « في يومِ عاصفٍ » . { لاَّ يَقْدِرُونَ } يعني الكفار . { مِمَّا كَسَبُواْ عَلَىٰ شَيْءٍ } يريد في الآخرة أي من ثواب ما عمِلوا من البِرّ في الدنيا ، لإحباطه بالكفر . { ذٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلاَلُ ٱلْبَعِيدُ } أي الخسران الكبير وإنما جعله كبيراً بعيداً لفوات ٱستدراكه بالموت . قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحقِّ } الرؤية هنا رؤية القلب لأن المعنى : ألم ينته علمك إليه ؟ . وقرأ حمزة والكسائي « خَالِقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ » . ومعنى « بِالْحَقِّ » ليستدلّ بها على قدرته . { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ } أيها الناس أي هو قادر على الإفناء كما قدر على إيجاد الأشياء فلا تعصوه فإنكم إن عصيتموه { يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ } أفضل وأطوع منكم إذ لو كانوا مثل الأولين فلا فائدة في الإبدال . { وَمَا ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ } أي منيع متعذر .