Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 44-44)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ } قال ابن عباس : أراد أهل مكة . { يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ٱلْعَذَابُ } وهو يوم القيامة أي خوفهم ذلك اليوم . وإنما خصّهم بيوم العذاب وإن كان يوم الثّواب ، لأن الكلام خرج مخرج التهديد للعاصي . { فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ } أي في ذلك اليوم { رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ } أي أمهلنا . { إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ } سألوه الرجوع إلى الدنيا حين ظهر الحق في الآخرة . { نُّجِبْ دَعْوَتَكَ } أي إلى الإسلام . { وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَ } . فيجابوا : { أَوَلَمْ تَكُونُوۤاْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ } يعني في دار الدنيا . { مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ } قال مجاهد : هو قسم قريش أنهم لا يبعثون . ابن جريج : هو ما حكاه عنهم في قوله : { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُ } [ النحل : 38 ] . { مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ } فيه تأويلان : أحدهما ما لكم من انتقال عن الدنيا إلى الآخرة أي لا تبعثون ولا تحشرون وهذا قول مجاهد . الثاني { مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ } أي من العذاب . وذكر البَيْهَقِيّ عن محمد بن كعب القُرَظيّ قال : لأهل النار خمس دعوات يجيبهم الله في أربعة ، فإذا كان في الخامسة لم يتكلموا بعدها أبداً ، يقولون : { رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ فَٱعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ } [ غافر : 11 ] فيجيبهم الله { ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ كَـفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُواْ فَٱلْحُكْمُ للَّهِ ٱلْعَلِـيِّ ٱلْكَبِيرِ } [ غافر : 12 ] . ثم يقولون : { رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ } [ السجدة : 12 ] فيجيبهم الله تعالى : { فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَآ إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُـواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [ السجدة : 14 ] ثم يقولون : { رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَ } فيجيبهم الله تعالى { أَوَلَمْ تَكُونُوۤاْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ } [ إبراهيم : 44 ] فيقولون : { رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ ٱلَّذِي كُـنَّا نَعْمَلُ } [ فاطر : 37 ] فيجيبهم الله تعالى : { أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ } [ فاطر : 37 ] . ويقولون : { رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَآلِّينَ } [ المؤمنون : 106 ] فيجيبهم الله تعالى : { ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } [ المؤمنون : 108 ] فلا يتكلمون بعدها أبداً خرجه ٱبن المبارك في « دقائقه » بأطول من هذا وقد كتبناه في كتاب « التذكرة » وزاد في الحديث { وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ ٱلأَمْثَالَ } { وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ ٱللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ ٱلْجِبَالُ } قال هذه الثالثة ، وذكر الحديث وزاد بعد قوله : { ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } [ المؤمنون : 108 ] فانقطع عند ذلك الدعاء والرجاء ، وأقبل بعضهم على بعض ينبح بعضهم في وجه بعض ، وأطبقت عليهم قال : فحدّثني الأزهر بن أبي الأزهر أنه ذكر له أن ذلك قوله { هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ } { وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } [ المرسلات : 35 ] .