Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 42-42)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فيه مسألتان : الأولى : قوله تعالى : { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } قال العلماء : يعني على قلوبهم . وقال ٱبن عُيينة : أي في أن يلقيهم في ذنب يمنعهم عفوي ويضيّقه عليهم . وهؤلاء الذين هداهم الله واجتباهم واختارهم واصطفاهم . قلت : لعل قائلاً يقول : قد أخبر الله عن صفة آدم وحواء عليهما السلام بقوله : { فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَانُ } [ البقرة : 36 ] ، وعن جملة من أصحاب نبيّه بقوله : { إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ } [ آل عمران : 155 ] فالجواب ما ذكر ، وهو أنه ليس له سلطان على قلوبهم ، ولا موضع إيمانهم ، ولا يلقيهم في ذنب يؤول إلى عدم القبول ، بل تزيله التوبة وتمحوه الأوْبة . ولم يكن خروج آدم عقوبة لما تناول على ما تقدّم في « البقرة » بيانه . وأما أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم فقد مضى القول عنهم في آل عمران . ثم إن قوله سبحانه : « ليس لك عليهِم سلطان » يحتمل أن يكون خاصاً فيمن حفظه الله ، ويحتمل أن يكون في أكثر الأوقات والأحوال ، وقد يكون في تسلطه تفريج كربة وإزالة غمة كما فُعل ببلال ، إذ أتاه يهدّيه كما يهدّى الصبيّ حتى نام ، ونام النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه فلم يستيقظوا حتى طلعت الشمس ، وفزعوا وقالوا : ما كفارة ما صنعنا بتفريطنا في صلاتِنا ؟ فقال لهم النبيّ صلى الله عليه وسلم : " ليس في النوم تفريط " ففرّج عنهم . { إِلاَّ مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ } أي الضالين المشركين . أي سلطانه على هؤلاء دليله { إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَٱلَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ } [ النحل : 100 ] . الثانية : وهذه الآية والتي قبلها دليل على جواز ٱستثناء القليل من الكثير والكثير من القليل مثل أن يقول : عشرة إلا درهماً . أو يقول : عشرة إلا تسعة . وقال أحمد بن حنبل : لا يجوز أن يستثني إلا قدر النصف فما دونه . وأما ٱستثناء الأكثر من الجملة فلا يصح . ودليلنا هذه الآية فإن فيها استثناء « الغاوين » من العباد والعباد من الغاوين ، وذلك يدل على أن استثناء الأقل من الجملة واستثناء الأكثر من الجملة جائز .