Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 43-44)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ } يعني إبليس ومن اتبعه . { لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ } أي أطباق ، طبق فوق طبق { لِكُلِّ بَابٍ } أي لكل طبقة { مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ } أي حظ معلوم . ذكر ابن المبارك قال : أخبرنا إبراهيم أبو هارون الغَنَوِيّ قال : سمعت حِطّان بن عبد الله الرَّقاشي يقول سمعت عليًّا رضي الله عنه يقول : هل تدرون كيف أبواب جهنم ؟ قلنا : هي مثل أبوابنا . قال لا ، هي هكذا بعضها فوق بعض ، زاد الثعلبيّ : ووضع إحدى يديه على الأخرى وأن الله وضع الجنان على الأرض ، والنيران بعضها فوق بعض ، فأسفلها جهنم ، وفوقها الحُطَمة ، وفوقها سقر ، وفوقها الجحيم ، وفوقها لظَى وفوقها السعير ، وفوقها الهاوية ، وكلّ باب أشدّ حراً من الذي يليه سبعين مرة . قلت : كذا وقع هذا التفسير . والذي عليه الأكثر من العلماء أن جهنم أعلى الدّركات ، وهي مختصة بالعُصاةِ من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وهي التي تخلى من أهلها فتصفق الرياح أبوابها . ثم لظى ، ثم الحطمة ، ثم سعير ، ثم سقر ، ثم الجحيم ، ثم الهاوية . قال الضحاك : في الدّرك الأعلى المحمديّون ، وفي الثاني النصارى ، وفي الثالث اليهود ، وفي الرابع الصابئون ، وفي الخامس المجوس ، وفي السادس مشركو العرب ، وفي السابع المنافقون وآل فرعون ومن كفر من أهل المائدة . قال الله تعالى : { إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ فِي ٱلدَّرْكِ ٱلأَسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ } [ النساء : 145 ] وقد تقدم في النساء ـ ، وقال : { أَدْخِلُوۤاْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَاب } [ غافر : 46 ] ، وقال : { فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّيۤ أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ } [ المائدة : 115 ] . وقسّم معاذ بن جبل رضي الله عنه العلماء السّوء من هذه الأمة تقسيماً على تلك الأبواب ذكرناه في كتاب التذكرة . وروى الترمذيّ من حديث ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لجهنم سبعة أبواب باب منها لمن سَلّ سيفه على أمتي " قال : حديث غريب . وقال أُبَيّ بن كعب : لجهنم سبعة أبواب باب منها للحَرُورِية . وقال وهب بن منبّه : بين كل بابين مسيرة سبعين سنة ، كلّ باب أشدّ حَرًّا من الذي فوقه بسبعين ضعفاً . وقد ذكرنا هذا كلّه في كتاب التذكرة . وروى سلام الطويل عن أبي سفيان عن أنس بن مالك عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى : { لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ } جزء أشركوا بالله ، وجزء شكوا في الله ، وجزء غفلوا عن الله ، وجزء آثروا شهواتهم على الله ، وجزء شفوْا غيظهم بغضب الله ، وجزء صيّروا رغبتهم بحظهم من الله ، وجزء عتَوْا على الله . ذكره الحَلِيمي أبو عبد الله الحسين بن الحسن في كتاب منهاج الدين له ، وقال : فإن كان ثابتاً فالمشركون بالله هم الثّنوية . والشاكّون هم الذين لا يدرون أن لهم إلٰهاً أو لا إلٰه لهم ، ويشكون في شريعته أنها من عنده أم لا . والغافلون عن الله هم الذين يجحدونه أصلاً ولا يثبتونه ، وهم الدهرية . والمؤثرون شهواتهم على الله هم المنهمكون في المعاصي لتكذيبهم رسلَ الله وأمره ونهيه . والشافون غيظهم بغضب الله هم القاتلون أنبياء الله وسائر الداعين إليه ، المعذِّبون من ينصح لهم أو يذهب غير مذهبهم . والمصيرون رغبتهم بحظهم من الله هم المنكرون بالبعث والحساب فهم يعبدون ما يرغبون فيه ، لهم جميع حظهم من الله تعالى . والعاتون على الله الذين لا يبالون ، بأن يكون ما هم فيه حقاً أو باطلاً ، فلا يتفكرون ولا يعتبرون ولا يستدلون . والله أعلم بما أراد رسوله صلى الله عليه وسلم إن ثبت الحديث . ويروى : أن سلمان الفارسيّ رضي الله عنه لما سمع هذه الآية { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ } فرّ ثلاثة أيام من الخوف لا يعقل ، فجيء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال : يا رسول الله ، أنزلت هذه الآية « وإِن جهنم لَمَوْعِدُهم أجمعِين » ؟ فوالذي بعثك بالحق لقد قطعت قلبي فأنزل الله تعالى « إِنّ المتقِين فِي جناتٍ وعُيُونٍ » . وقال بلال : " كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يصلي في مسجد المدينة وحده ، فمرت به امرأة أعرابية فصلت خلفه ولم يعلم بها ، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية « لها سبعة أبوابٍ لكل باب منهم جزء مقسوم » فخرّت الأعرابية مغشيًّا عليها ، وسمع النبيّ صلى الله عليه وسلم وَجْبَتها فانصرف ودعا بماء فصبّ على وجهها حتى أفاقت وجلست ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : « يا هذه ما لك » ؟ فقالت : أهذا شيء من كتاب الله المنزل ، أو تقوله من تلقاء نفسك ؟ فقال : « يا أعرابية بل هو من كتاب الله تعالى المنزل » فقالت : كل عضو من أعضائي يعذب على كل باب منها ؟ قال : « يا أعرابية ، بل لكل باب منهم جزء مقسوم يعذّب أهل كل منها على قدر أعمالهم » فقالت : والله إني امرأة مسكينة ، مالي مال ، ومالي إلا سبعة أعبد ، أشهدك يا رسول الله ، أن كل عبد منهم عن كل باب من أبواب جهنم حُرٌّ لوجه الله تعالى . فأتاه جبريل فقال : « يا رسول الله ، بشّر الأعرابية أن الله قد حَرّم عليها أبواب جهنم كلها وفتح لها أبواب الجنة كلها " .