Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 112-112)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً } هذا متصل بذكر المشركين . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على مشركي قريش وقال : " اللَّهُمّ ٱشْدُدْ وطأتك على مُضَرَ وٱجعلها عليهم سِنينَ كِسنِي يوسف " فابتُلُوا بالقحط حتى أكلوا العظام ، ووجّه إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً ففرّق فيهم . { كَانَتْ آمِنَةً } لا يُهاج أهلها . { يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ } من البر والبحر نظيره { يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ } [ القصص : 57 ] الآية . { فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ } الأنعم : جمع النِّعمة كالأَشُدّ جمع الشِّدة . وقيل : جمع نُعْمَى مثل بؤسى وأبؤس . وهذا الكفران تكذيب بمحمد صلى الله عليه وسلم . { فَأَذَاقَهَا ٱللَّهُ } أي أذاق أهلها . { لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ } سماه لباساً لأنه يظهر عليهم من الهزال وشحوبة اللون وسوء الحال ما هو كاللباس . { بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } أي من الكفر والمعاصي . وقرأه حفص بن غياث ونصر بن عاصم وابن أبي إسحاق والحسن وأبو عمرو فيما روى عنه عبد الوارث وعبيد وعباس « والخوفَ » نصبا بإيقاع أذاقها عليه ، عطفاً على « لباسَ الجوعِ » أي أذاقها الله لباس الجوع وأذاقها الخوف . وهو بعث النبيّ صلى الله عليه وسلم سراياه التي كانت تُطيف بهم . وأصل الذوق بالفم ثم يستعار فيوضع موضع الابتلاء . وضرب مكة مثلاً لغيرها من البلاد أي أنها مع جوار بيت الله وعمارة مسجده لمّا كفر أهلها أصابهم القَحْط فكيف بغيرها من القرى . وقد قيل : إنها المدينة ، آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم كفرت بأنْعُم الله لقتل عثمان بن عفان ، وما حدث بها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفتن . وهذا قول عائشة وحفصة زَوْجَي النبيّ صلى الله عليه وسلم . وقيل : إنه مَثَل مضروب بأيّ قرية كانت على هذه الصفة من سائر القُرَى .