Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 1-1)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } قيل : « أَتَى » بمعنى يأتي فهو كقولك : إن أكرمتني أكرمتك . وقد تقدّم أن أخبار الله تعالى في الماضي والمستقبل سواء لأنه آتٍ لا محالة ، كقوله : { وَنَادَىۤ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَابَ ٱلنَّارِ } [ الأعراف : 44 ] . و « أمر اللَّهِ » عقابه لمن أقام على الشرك وتكذيب رسوله . قال الحسن وابن جُريج والضحاك : إنه ما جاء به القرآن من فرائضه وأحكامه . وفيه بعد لأنه لم يُنقل أن أحداً من الصحابة استعجل فرائض الله من قبل أن تفرض عليهم ، وأما مستعجلو العذاب والعقاب فذلك منقول عن كثير من كفار قريش وغيرهم ، حتى قال النّضر بن الحارث : { ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ } [ الأنفال : 32 ] الآية ، فٱستعجلَ العذاب . قلت : قد يستدل الضحاك بقول عمر رضي الله عنه : وافقت ربي في ثلاث : في مقام إبراهيم ، وفي الحجاب ، وفي أسارى بدر خرّجه مسلم والبخاري . وقد تقدم في سورة البقرة . وقال الزجاج : هو ما وعدهم به من المجازاة على كفرهم ، وهو كقوله : { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ } [ هود : 40 ] . وقيل : هو يوم القيامة أو ما يدل على قربها من أشراطها . قال ابن عباس : لما نزلت { ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ } [ القمر : 1 ] قال الكفار : إن هذا يزعم أن القيامة قد قَرُبت ، فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون ، فأمسكوا وانتظروا فلم يروا شيئاً ، فقالوا : ما نرى شيئا فنزلت { ٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ } [ الأنبياء : 1 ] الآية . فأشفقوا وانتظروا قرب الساعة ، فامتدت الأيام فقالوا : ما نرى شيئا فنزلت « أَتَى أَمْرُ اللَّهِ » فوثب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون وخافوا فنزلت « فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ » فاطمأنوا ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " بعثت أنا والساعة كهاتين " وأشار بأصبعيه : السبابة والتي تليها . يقول : إن كادت لتسبقني فسبقتها . وقال ابن عباس : كان بعث النبيّ صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة ، وأن جبريل لما مرّ بأهل السموات مبعوثاً إلى محمد صلى الله عليه وسلم قالوا : الله أكبر ، قد قامت الساعة . قوله تعالى : { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي تنزيهاً له عما يصفونه به من أنه لا يقدر على قيام الساعة ، وذلك أنهم يقولون : لا يقدر أحد على بعث الأموات ، فوصفوه بالعجز الذي لا يوصف به إلا المخلوق ، وذلك شرك . وقيل : « عَمَّا يُشْرِكُونَ » أي عن إشراكهم . وقيل : « ما » بمعنى الذي ، أي ارتفع عن الذين أشركوا به .