Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 45-47)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ } أي بالسيئات ، وهذا وعيد للمشركين الذين احتالوا في إبطال الإسلام . { أَن يَخْسِفَ ٱللَّهُ بِهِمُ ٱلأَرْضَ } قال ابن عباس : كما خسف بقارون ، يقال : خَسفَ المكانُ يخسِف خسوفاً ذهب في الأرض ، وخسف الله به الأرض خسوفاً أي غاب به فيها ومنه قوله : { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ } [ القصص : 71 ] . وخَسَف هو في الأرض وخُسِف به . والاستفهام بمعنى الإنكار أي يجب ألا يأمنوا عقوبة تلحقهم كما لحقت المكذبين . { أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } كما فعل بقوم لوط وغيرِهم . وقيل : يريد يوم بدر فإنهم أهلكوا ذلك اليوم ، ولم يكن شيء منه في حسابهم . { أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ } أي في أسفارهم وتصرفهم قاله قتادة . { فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ } أي سابقين الله ولا فائتيه . وقيل : « في تَقَلُّبِهِم » على فراشهم أينما كانوا . وقال الضحاك : بالليل والنهار . { أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَىٰ تَخَوُّفٍ } قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما : أي على تنقّص من أموالهم ومواشيهم وزروعهم . وكذا قال ابن الأعرابي : أي على تنقّص من الأموال والأنفس والثمرات حتى أهلكهم كلّهم . وقال الضحاك : هو من الخوف المعنى : يأخذ طائفة ويدع طائفة ، فتخاف الباقية أن ينزل بها ما نزل بصاحبتها . وقال الحسن : « على تَخَوُّفٍ » أن يأخذ القرية فتخافه القرية الأخرى ، وهذا هو معنى القول الذي قبله بعينه ، وهما راجعان إلى المعنى الأوّل ، وأن التخوّف التنقص تخوّفه تنقصه ، وتخوّفه الدهر وتخوّنه بالفاء والنون بمعنىً يقال : تخوّنني فلان حَقِّي فلان حَقِّي إذا تنقصك . قال ذو الرُّمَّة : @ لا ، بل هو الشّوْقُ مِن دارٍ تَخوّنها مَرّاً سحابٌ ومَرّاً بارِحٌ تَرِبُ @@ وقال لبيد : @ تخوّنهـا نزولـي وارتحالـي @@ أي تنقص لحمها وشحمها . وقال الهَيْثَم بن عَدِيّ : التخوّف بالفاء التنقص ، لغة لأزدِشُنوءة . وأنشد : @ تخوّف غَدْرهم مالي وأهْدَى سلاسلَ في الحلوق لها صليل @@ وقال سعيد بن المسيِّب : بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال : يا أيها الناس ، ما تقولون في قول الله عز وجل : « أوْ يَأْخُذَهُم على تَخَوُّفٍ » فسكت الناس ، فقال شيخ من بني هُذَيل : هي لغتنا يا أمير المؤمنين ، التخوّف التنقص . فخرج رجل فقال : يا فلان ، ما فعل دَيْنُك ؟ قال : تخوّفته ، أي تنقّصته فرجع فأخبر عمر فقال عمر : أتعرف العرب ذلك في أشعارهم ؟ قال نعم قال شاعرنا أبو كبِير الهُذَلِيّ يصف ناقة تنقّص السير سنامها بعد تَمْكِه واكتنازه : @ تخوف الرَّجلُ منها تامِكاً قَرِداً كما تخوف عُودَ النَّبْعة السَّفَنُ @@ فقال عمر : يأيها الناس ، عليكم بديوانكم شعر الجاهلية فإن فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم . تَمَك السنام يَتْمِك تَمْكاً ، أي طال وارتفع ، فهو تامك . والسَّفَن والمسْفن ما يُنْجَر به الخشب . وقال اللّيث بن سعد : « على تخوّفٍ » على عجل . وقيل : على تقريع بما قدّموه من ذنوبهم ، وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً . وقال قتادة : « على تخوّف » أن يعاقب أو يتجاوز . { فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } أي لا يعاجل بل يمهل .