Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 48-48)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ حمزة والكسائيّ وخلف ويحيى والأعمش تَرَوْا بالتاء ، على أن الخطاب لجميع الناس . الباقون بالياء خبراً عن الذين يمكرون السيئات وهو الاختيار . { مِن شَيْءٍ } يعني من جسم قائم له ظل من شجرة أو جبل قاله ابن عباس . وإن كانت الأشياء كلّهاسميعة مطيعة لله تعالى . { يَتَفَيَّأُ ظِلاَلُهُ } قرأ أبو عمرو ويعقوب وغيرهما بالتاء لتأنيث الظلال . الباقون بالياء ، واختاره أبو عبيد . أي يميل من جانب إلى جانب ، ويكون أول النهار على حال ويتقلّص ثم يعود في آخر النهار على حالة أخرى فدورانها وَميَلانها من موضع إلى موضع سجودها ومنه قيل للظل بالعشي : فَيءٌ لأنه فاء من المغرب إلى المشرق ، أي رجع . والفيء الرجوع ومنه { حَتَّىٰ تَفِيۤءَ إِلَىٰ أَمْرِ ٱللَّهِ } [ الحجرات : 9 ] . روي معنى هذا القول عن الضحاك وقتادة وغيرهما ، وقد مضى هذا المعنى في سورة « الرعد » . وقال الزجاج : يعني سجود الجسم ، وسجودُه انقياده وما يُرَى فيه من أثر الصنعة ، وهذا عام في كل جسم . ومعنى { وَهُمْ دَاخِرُونَ } أي خاضعون صاغرون . والدخور : الصَّغار والذّل . يقال : دَخَر الرجل بالفتح فهو داخر ، وأدخره الله . وقال ذو الرمة : @ فلم يَبْقَ إلا داخِرٌ في مُخَيِّس ومُنْجَحِرٌ في غير أرْضِك في جُحْرِ @@ كذا نسبه الماوَرْدِيّ لذي الرُّمّة ، ونسبه الجوهري للفرزدق وقال : المُخَيِّسُ اسم سجن كان بالعراق أي موضع التذلل . وقال : @ أمَا تـراني كَيِّساً مُكَيّساً بَنَيْتُ بعد نافع مُخَيَّساَ @@ ووحَّد اليمين في قوله : « عَنِ الْيَمينِ » وجمع الشمال لأن معنى اليمين وإن كان واحداً الجمع . ولو قال : عن الأيمان والشمائل ، واليمين والشمائل ، أو اليمين والشمال ، أو الأيمان والشمال لجاز لأن المعنى للكثرة . وأيضاً فمن شأن العرب إذا اجتمعت علامتان في شيء واحد أن تجمع إحداهما وتفرد الأخرى كقوله تعالى : { خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ } وكقوله : { وَيُخْرِجُهُمْ مِّنِ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } ولو قال على أسماعهم وإلى الأنوار لجاز . ويجوز أن يكون ردّ اليمين على لفظ « ما » والشمال على معناها . ومثل هذا في الكلام كثير . قال الشاعر : @ الواردون وتَيْم في ذُرَا سَبَإ قد عَضّ أعناقَهم جِلْدُ الجواميس @@ ولم يقل جلود . وقيل : وحّد اليمين لأن الشمس إذا طلعت وأنت متوجّه إلى القبلة انبسط الظل عن اليمين ثم في حال يميل إلى جهة الشمال ثم حالات ، فسماها شمائل .