Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 5-5)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فيه ثلاث مسائل : الأولى قوله تعالى : { وَٱلأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ } لما ذكر الإنسان ذكر ما مَنّ به عليه . والأنعام : الإبل والبقر والغنم . وأكثر ما يقال : نعم وأنعام للإبل ، ويقال للمجموع ولا يقال للغنم مفردة . قال حسان : @ عَفَتْ ذاتُ الأصابع فالجِوَاءُ إلى عَذْراءَ منزِلُها خَلاء دِيارٌ من بَنِي الحَسْحَاس قَفْرٌ تُعَفِّيها الروامِسُ والسماء وكانت لا يزال بها أنيس خِلال مُرُوجها نَعَمٌ وشَاءُ @@ فالنَّعم هنا الإبل خاصّةً . وقال الجوهري : والنَّعَم واحد الأنعام وهي المال الراعية ، وأكثر ما يقع هذا الاسم على الإبل . قال الفَرّاء : هو ذكَر لا يؤنث ، يقولون : هذا نَعَم وارد ، ويجمع على نُعْمان مثل حَمَل وحُمْلان . والأنعام تذكّر وتؤنث قال الله تعالى : { مِّمَّا فِي بُطُونِهِ } [ النحل : 66 ] . وفي موضع { مِّمَّا فِي بُطُونِهَا } [ المؤمنون : 21 ] . وانتصب الأنعام عطفاً على الإنسان ، أو بفعل مقدّرُ ، وهو أوجه . الثانية قوله تعالى : { دِفْءٌ } الدِّفْء : السَّخانة ، وهو ما اسْتُدْفِىء به من أصوافها وأوبارها وأشعارها ، ملابس ولُحُف وقُطُف . وروي عن ابن عباس : دفؤها نسلها والله أعلم قال الجوهري في الصحاح : الدفء نِتاج الإبل وألبانها وما ينتفع به منها قال الله تعالى : « لكم فِيها دفْء » . وفي الحديث : " لنا من دِفئهم ما سلّموا بالميثاق " والدفء أيضاً : السخونة ، تقول منه : دَفِىء الرجل دفَاءة مثلُ كَرِه كراهة . وكذلك دَفِىء دَفَأ مثلُ ظمِىء ظمأ . والاسم الدِّفْء بالكسر وهو الشيء الذي يدفئك ، والجمع الأدفاء . تقول : ما عليه دفء لأنه اسم . ولا تقول : ما عليك دَفاءة لأنه مصدر . وتقول : اقعد في دِفء هذا الحائط أي كِنّه . ورجل دفِىء على فَعِلٍ إِذا لبس ما يدفِئه . وكذلك رجل دفآن وامرأة دفأى . وقد أدفأه الثوب وتدفأ هو بالثوب واستدفأ به ، وادّفأ به وهو افتعل أي لبس ما يدفئه . ودَفُؤت ليلتنا ، ويوم دَفىء على فعيل وليلة دفِيئة ، وكذلك الثوب والبيت . والمُدْفِئة الإبل الكثيرة لأن بعضها يدفىء بعضاً بأنفاسها ، وقد يشدّد . والمُدْفَأة الإبل الكثيرة الأوبار والشحوم عن الأصمعي . وأنشد الشماخ : @ وكيف يَضِيع صاحبُ مُدْفآتٍ على أثباجهن من الصَّقِيع @@ قوله تعالى : { وَمَنَافِعُ } قال ابن عباس : المنافع نسل كل دابة . مجاهد : الركوب والحمل والألبان واللحوم والسمن . { وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } أفرد منفعة الأكل بالذكر لأنها معظم المنافع . وقيل : المعنى ومن لحومها تأكلون عند الذبح . الثالثة دلت هذه الآية على لباس الصوف ، وقد لبسه رسول الله صلى الله عليه وسلم والأنبياء قبله كموسى وغيره . وفي حديث المغيرة : فغسل وجهه وعليه جبة من صوف شامية ضيقة الكمين … الحديث ، خرجه مسلم وغيره . قال ابن العربيّ : وهو شعار المتقين ولباس الصالحين وشارة الصحابة والتابعين ، وٱختيار الزهاد والعارفين ، وهو يلبس ليِّناً وخشناً وجيداً ومُقارِباً ورديئاً ، وإليه نسب جماعة من الناس الصوفية لأنه لباسهم في الغالب ، فالياء للنسب والهاء للتأنيث . وقد أنشدني بعض أشياخهم بالبيت المقدس طهره الله :