Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 28-28)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فيه ثلاث مسائل : الأولى : وهو أنه سبحانه وتعالى خصّ نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله : { وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ٱبْتِغَآءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا } . وهو تأديب عجيب وقول لطيف بديع أي لا تعرض عنهم إعراض مستهين عن ظهر الغنى والقدرة فتَحْرِمهم . وإنما يجوز أن تُعرض عنهم عند عجزٍ يَعْرِض وعائق يعوق ، وأنت عند ذلك ترجو من الله سبحانه وتعالى فتح باب الخير لتتوصل به إلى مواساة السائل ، فإن قعد بك الحال فقُلْ لهم قولاً ميسوراً . الثانية : في سبب نزولها قال ابن زيد : نزلت الآية في قوم كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأبَى أن يعطيَهم لأنه كان يعلم منهم نفقة المال في فساد ، فكان يُعرض عنهم رغبة في الأجر في منعهم لئلا يعينهم على فسادهم . وقال عطاء الخراسانِيّ في قوله تعالى { وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ٱبْتِغَآءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا } قال : ليس هذا في ذكر الوالدين ، جاء ناسٌ من مُزَيْنَة إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم يستحملونه فقال : " لا أجد ما أحملكم عليه " فتوَلَّوْا وأعينُهم تَفِيض من الدمع حَزَناً فأنزل الله تعالى : { وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ٱبْتِغَآءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا } . والرحمة الفَيْءُ . الثالثة : قوله تعالى : { فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً } أمره بالدعاء لهم ، أي يَسِّر فقرهم عليهم بدعائك لهم . وقيل : ٱدْعُ لهم دعاءً يتضمّن الفتح لهم والإصلاح . وقيل : المعنى « وإما تعرضن » أي إن أعرضت يا محمد عن إعطائهم لضيق يدٍ فقل لهم قولاً ميسوراً أي أحسن القول وابسط العذر ، وٱدع لهم بسعَة الرزق ، وقل إذا وجدتُ فعلتُ وأكرمتُ فإن ذلك يعمل في مَسَرّة نفسه عمل المواساة . وكان عليه الصلاة والسلام إذا سئل وليس عنده ما يُعطِي سكت انتظاراً لرزق يأتي من الله سبحانه وتعالى كراهة الردّ ، فنزلت هذه الآية ، " فكان صلى الله عليه وسلم إذا سئل وليس عنده ما يعطي قال : يرزقنا الله وإياكم من فضله " فالرحمة على هذا التأويل الرزق المنتظر . وهذا قول ابن عباس ومجاهد وعكرمة . والضمير في « عنهم » عائد على من تقدّم ذكرهم من الآباء والقرابة والمساكين وأبناء السبيل . و « قولا ميسورا » أي ليّناً لطيفاً طيباً ، مفعول بمعنى الفاعل ، من لفظ اليسر كالميمون ، أي وعداً جميلاً ، على ما بيناه . ولقد أحسن من قال : @ إلاّ تكن وَرِقٌ يوما أجود بها للسائلين فإني ليّن العُودِ لا يَعْدَم السائلون الخيرَ من خلقي إمّا نَوالِي وإمّا حسنُ مردودي @@ تقول : يَسّرت لك كذا إذا أعددته .