Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 33-33)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلحَقِّ } قد مضى الكلام فيه في الأنعام . قوله تعالى : { وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً } . فيه ثلاث مسائل : الأولى : قوله تعالى : { وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً } أي بغير سبب يوجب القتل . { فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ } أي لمستحِق دمه . قال ابن خُوَيْزِمَنْدَاد : الولِيّ يجب أن يكون ذكراً لأنه أفرده بالولاية بلفظ التذكير . وذكر إسماعيل بن إسحاق في قوله تعالى : « فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ » ما يدل على خروج المرأة عن مطلق لفظ الوليّ ، فلا جَرَم ، ليس للنساء حق في القصاص لذلك ولا أثر لعَفْوِها ، وليس لها الاستيفاء . وقال المخالف : إن المراد ها هنا بالولي الوارث وقد قال تعالى : { وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } [ التوبة : 71 ] ، وقال : { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُمْ مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ } [ الأنفال : 72 ] ، وقال : { وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ } [ الأنفال : 75 ] فاقتضى ذلك إثبات القود لسائر الورثة وأمّا ما ذكروه من أن الولي في ظاهره على التذكير وهو واحد ، كأن ما كان بمعنى الجنس يستوي المذكر والمؤنث فيه ، وتتمته في كتب الخلاف . { سُلْطَاناً } أي تسليطاً إن شاءَ قتل وإن شاء عفا ، وإن شاء أخذ الدِّية قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما والضحاك وأشهب والشافعي . وقال ابن وهب قال مالك : السلطانُ أمر الله . ابن عباس : السلطان الحجة . وقيل : السلطان طلبه حتى يدفع إليه . قال ابن العربي : وهذه الأقوال متقاربة ، وأوضحها قول مالك : إنه أمر الله . ثم إن أمر الله عز وجل لم يقع نَصًّا فاختلف العلماء فيه فقال ابن القاسم عن مالك وأبي حنيفة : القتل خاصّةً . وقال أشهب : الخيرة كما ذكرنا آنفاً ، وبه قال الشافعيّ . وقد مضى في سورة « البقرة » هذا المعنى . الثانية : قوله تعالى : { فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ } فيه ثلاثة أقوال : لا يقتل غير قاتله قاله الحسن والضحاك ومجاهد وسعيد بن جبير . الثاني : لا يقتل بدل وَلِيّه اثنين كما كانت العرب تفعله . الثالث : لا يمثّل بالقاتل قاله طَلْق بن حبيب ، وكله مراد لأنه إسراف منهيٌّ عنه . وقد مضى في « البقرة » القول في هذا مستوفًى . وقرأ الجمهور « يُسْرِف » بالياء ، يريد الولي ، وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي « تسرف » بالتاء من فوق ، وهي قراءة حُذيفة . وروى العلاء بن عبد الكريم عن مجاهد قال : هو للقاتل الأوّل ، والمعنى عندنا فلا تسرف أيها القاتل . وقال الطبريّ : هو على معنى الخطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم والأئمة من بعده . أي لا تقتلوا غير القاتل . وفي حرف أُبَيٍّ « فلا تسرِفوا فِي القتلِ » . الثالثة : قوله تعالى : { إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً } أي مُعاناً ، يعني الوليّ . فإن قيل : وكم من وَلِيّ مخذول لا يصل إلى حقّه . قلنا : المعونة تكون بظهور الحجة تارة وباستيفائها أخرى ، وبمجموعهما ثالثة ، فأيّها كان فهو نصر من الله سبحانه وتعالى . وروى ابن كثير عن مجاهد قال : إن المقتول كان منصوراً . النحاس : ومعنى قوله إن الله نصره بوليّه . وروي أنه في قراءة أبَيٍّ « فلا تسرِفوا فِي القتلِ إِن وَلِيّ المقتولِ كان منصوراً » . قال النحاس : الأبْيَنُ بالياء ويكون للوليّ لأنه إنما يقال : لا يسرف إن كان له أن يقتل ، فهذا للوليّ . وقد يجوز بالتاء ويكون للوليّ أيضاً ، إلا أنه يحتاج فيه إلى تحويل المخاطبة . قال الضحاك : هذا أوّل ما نزل من القرآن في شأن القتل ، وهي مكية .