Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 5-5)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا } أي أولَى المرّتين من فسادهم . { بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ } هم أهل بابل ، وكان عليهم بُخْتَنَصّر في المرة الأولى حين كذبوا إرمياء وجرحوه وحبسوه قاله ابن عباس وغيره . وقال قتادة : أرسل عليهم جالوت فقتلهم ، فهو وقومه أولو بأس شديد . وقال مجاهد : جاءهم جند من فارس يتجسّسون أخبارهم ومعهم بختنصر فوَعَى حديثهم من بين أصحابه ، ثم رجعوا إلى فارس ولم يكن قتال ، وهذا في المرة الأولى ، فكان منهم جَوْسٌ خلال الديار لا قتل ذكره القشيري أبو نصر . وذكر المهدوِيّ عن مجاهد أنه جاءهم بختنصر فهزمه بنو إسرائيل ، ثم جاءهم ثانية فقتلهم ودمرهم تدميرا . ورواه ابن أبي نَجيح عن مجاهد ذكره النحاس . وقال محمد بن إسحاق في خبر فيه طول : إن المهزوم سَنْحَاريب ملك بابل ، جاء ومعه ستمائة ألف راية تحت كل راية مائة ألف فارس فنزل حول بيت المقدس فهزمه الله تعالى وأمات جميعهم إلا سنحاريب وخمسة نفر من كُتّابه ، وبعث ملك بني إسرائيل واسمه صديقة في طلب سنحاريب فأخِذ مع الخمسة ، أحدهم بختنصر ، فطرح في رقابهم الجوامع وطاف بهم سبعين يوماً حول بيت المقدس وإيلياء ويرزقهم كل يوم خبزتين من شعير لكل رجل منهم ، ثم أطلقهم فرجعوا إلى بابل ، ثم مات سنحاريب بعد سبع سنين ، واستخلف بختنصر وعظمت الأحداث في بني إسرائيل ، واستحلوا المحارم وقتلوا نبيهم شَعْيَا فجاءهم بختنصر ودخل هو وجنوده بيت المقدس وقتل بني إسرائيل حتى أفناهم . وقال ابن عباس وابن مسعود : أوّل الفساد قتل زكريا . وقال ابن إسحاق : فسادهم في المرة الأولى قتل شعياً نبيِّ الله في الشجرة ، وذلك أنه لما مات صديقة ملكهم مَرِج أمرهم وتنافسوا على المُلْك وقتل بعضهم بعضاً وهم لا يسمعون من نبيهم فقال الله تعالى له قم في قومك أوحِ على لسانك ، فلما فرغ مما أوحى الله إليه عَدَوْا عليه ليقتلوه فهرب فانفلقت له شجرة فدخل فيها ، وأدركه الشيطان فأخذ هُدْبة من ثوبه فأراهم إياها ، فوضعوا المنشار في وسطها فنشروها حتى قطعوها وقطعوه في وسطها . وذكر ابن إسحاق أن بعض العلماء أخبره أن زكريا مات موتاً ولم يقتل وإنما المقتول شَعْيَا . وقال سعيد بن جبير في قوله تعالى : { ثُمَّ بَعَثْنَاعَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَآ أُوْلِى بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلَـٰلَ ٱلدِّيَارِ } هو سنحاريب من أهل نِينَوَى بالمَوْصل ملكُ بابل . وهذا خلاف ما قال ابن إسحاق ، فالله أعلم . وقيل : إنهم العمالقة وكانوا كفاراً ، قاله الحسن . ومعنى جاسوا : عاثوا وقتلوا وكذلك حاسوا وهاسوا وداسوا قاله ابن عُزيز ، وهو قول القُتَبِيّ . وقرأ ابن عباس : « حاسوا » بالحاء المهملة . قال أبو زيد : الحَوْس والجَوْس والعَوْس والهَوْس : الطواف بالليل . وقال الجوهري : الجوس مصدر قولك جاسوا خلال الديار ، أي تخللوها فطلبوا ما فيها كما يجوس الرجل الأخبار أي يطلبها وكذلك الاجتياس . والجَوَسان بالتحريك الطوفان بالليل وهو قول أبي عبيدة . وقال الطبري : طافوا بين الديار يطلبونهم ويقتلونهم ذاهبين وجائين فجمع بين قول أهل اللغة . قال ابن عباس : مشوا وتردّدوا بين الدُّور والمساكن . وقال الفراء : قتلوكم بين بيوتكم وأنشد لحسان : @ ومنا الذي لا قى بسيف محمد فجاس به الأعداء عرض العساكر @@ وقال قطرب : نزلوا ، قال : @ فجُسْنَا ديارهُمُ عَنوةً وأبْنَا بسادتهم مُوثَقينا @@ { وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً } أي قضاء كائنا لا خُلف فيه .