Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 84-84)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فيه مسألتان : الأولى : قوله تعالى : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ } تقدّم القول فيه . { لاَ تَسْفِكُونَ دِمَآءِكُمْ } المراد بنو إسرائيل ودخل فيه بالمعنى مَن بعدهم . « لاتسفكون » مثل { لاَ تَعْبُدُون } [ البقرة : 83 ] في الإعراب . وقرأ طلحة بن مُصَرِّف وشعيب بن أبي حمزة بضم الفاء ، وهي لغة وأبو نهيك « تُسَفِّكون » بضم التاء وتشديد الفاء وفتح السين . والسَّفْك : الصّب . وقد تقدّم . { وَلاَ تُخْرِجُونَ } معطوف . { أَنْفُسَكُمْ } النفس مأخوذة من النَّفَاسة ، فنفس الإنسان أشرف ما فيه . والدار : المنزل الذي فيه أبنية المقام بخلاف منزل الارتحال . وقال الخليل : كل موضع حَلّه قوم فهو دار لهم وإن لم تكن فيه أبنية . وقيل : سُمِّيت داراً لدورها على سكانها كما سُمّيَ الحائط حائطاً لإحاطته على ما يحويه . و { أَقْرَرْتُمْ } من الإقرار أي بهذا الميثاق الذي أُخِذ عليكم وعلى أوائلكم . { وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ } من الشهادة أي شهداء بقلوبكم على هذا . وقيل : الشهادة بمعنى الحضور أي تحضرون سفك دمائكم ، وإخراج أنفسكم من دياركم . الثانية : فإن قيل : وهل يَسفِك أحد دمه ويُخرج نفسه من داره ؟ قيل له : لما كانت ملّتهم واحدة وأمرهم واحد وكانوا في الأمم كالشخص الواحد جعل قتل بعضهم بعضاً وإخراج بعضهم بعضاً قتلاً لأنفسهم ونَفياً لها . وقيل : المراد القصاص أي لا يَقتل أحد فيُقتل قصاصاً ، فكأنه سفك دمه . وكذلك لا يزني ولا يرتدّ ، فإن ذلك يبيح الدم . ولا يُفْسِد فيُنْفَى ، فيكون قد أخرج نفسه من دياره . وهذا تأويل فيه بُعْدٌ وإن كان صحيح المعنى . وإنما كان الأمر أن الله تعالى قد أخذ على بني إسرائيل في التوراة ميثاقاً ألاّ يقتل بعضهم بعضاً ولا يَنفيه ولا يسترقّه ، ولا يدعه يسرق إلى غير ذلك من الطاعات . قلت : وهذا كله محرّم علينا ، وقد وقع ذلك كله بالفتن فينا فإنا لله وإنا إليه راجعون ! وفي التنزيل : { أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ } [ الأنعام : 65 ] وسيأتي . قال ٱبن خُوَيْزِ منداد : وقد يجوز أن يراد به الظاهر ، لا يقتل الإنسان نفسه ، ولا يخرج من داره سفهاً كما تقتل الهند أنفسها . أو يقتل الإنسان نفسه من جَهد وبلاء يصيبه ، أو يَهيم في الصحراء ولا يأوي البيوت جهلاً في ديانته وسفهاً في حِلمه فهو عموم في جميع ذلك . وقد " روي أن عثمان بن مَظْعُون بايع في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعزموا أن يلبسوا المسوح ، وأن يَهيموا في الصحراء ولا يأوُوا البيوت ، ولا يأكلوا اللحم ولا يغشوا النساء فبلغ ذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم فجاء إلى دار عثمان بن مظعون فلم يجده ، فقال لامرأته : « ما حديثٌ بلغني عن عثمان » ؟ وكَرهت أن تُفشي سِرّ زوجها ، وأن تكذِب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، إن كان قد بلغك شيء فهو كما بلغك فقال : « قولي لعثمان أخلاف لسُنتي أم على غير مِلّتي إني أصلّي وأنام وأصوم وأُفطِر وأَغْشَى النساء وآوي البيوت وآكل اللحم فمن رَغِب عن سُنتي فليس مني » فرجع عثمان وأصحابه عما كانوا عليه "