Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 90-90)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { بِئْسَمَا ٱشْتَرَوْاْ } بئس في كلام العرب مستوفية للذّم كما أن « نعم » مستوفية للمدح . وفي كل واحدة منها أربع لغات : بِئْس بَئْس بَئِسَ بِئِسَ . نِعْم نَعْم نَعِم نِعِم . ومذهب سيبويه أن « ما » فاعلة بئس ، ولا تدخل إلا على أسماء الأجناس والنكرات . وكذا نِعم ، فتقول نِعم الرّجلُ زيدٌ ، ونعم رجلاً زيدٌ فإذا كان معها ٱسم بغير ألف ولام فهو نصب أبداً فإذا كان فيه ألف ولام فهو رفع أبداً ونصب رجل على التمييز . وفي نعم مضمر على شريطة التفسير وزيد مرفوع على وجهين : على خبر ٱبتداء محذوف كأنه قيل مَن الممدوح ؟ قلت هو زيد ، والآخر على الابتداء وما قبله خبره . وأجاز أبو عليّ أن تليها « ما » موصولة وغير موصولة من حيث كانت مبهمة تقع على الكثرة ولا تخصّ واحداً بعينه والتقدير عند سيبويه : بئس الشيء ٱشتروا به أنفسهم أن يكفروا . فـ « ـأن يكفروا » في موضع رفع بالابتداء وخبره فيما قبله كقولك : بئس الرجل زيد ، و « ما » على هذا القول موصولة . وقال الأخفش : « ما » في موضع نصب على التمييز كقولك : بئس رجلاً زيدٌ ، فالتقدير بئس شيئاً أن يكفروا . فـ « ـٱشتروْا به أنفسهم » على هذا القول صفة « ما » . وقال الفراء : « بئسما » بجملته شيء واحد رُكّب كحبّذا . وفي هذا القول ٱعتراض لأنه يبقى فعل بلا فاعل . وقال الكسائي : « ما » و « ٱشتروا » بمنزلة ٱسم واحد قائم بنفسه والتقدير بئس ٱشتراؤهم أن يكفروا . وهذا مردود ، فإن نِعم وبئس لا يدخلان على ٱسم معيّن مُعرّف والشراء قد تعرّف بإضافته إلى الضمير . قال النحاس : وأبين هذه الأقوال قول الأخفش وسيبويه . قال الفراء والكسائي : « أن يكفروا » إن شئت كانت « أن » في موضع خفض رَدًّا على الهاء في به . قال الفراء : أي ٱشتروا أنفسهم بأن يكفروا بما أنزل الله . فٱشترى بمعنى باع وبمعنى ٱبتاع والمعنى : بئس الشيء الذي ٱختاروا لأنفسهم حيث ٱستبدلوا الباطل بالحق ، والكفر بالإيمان . قوله تعالى : { بَغْياً } معناه حسداً قاله قتادة والسُّدّى ، وهو مفعول من أجله ، وهو على الحقيقة مصدر . الأصمعيّ : وهو مأخوذ من قولهم : قد بَغَى الجرح إذا فسد . وقيل : أصله الطلب ، ولذلك سُمّيت الزانية بَغِيًّا . { أَن يُنَزِّلُ ٱللَّهُ } في موضع نصب أي لأن ينزّل ، أي لأجل إنزال الله الفضل على نبيّه صلى الله عليه وسلم . وقرأ ٱبن كَثير وأبو عمرو ويعقوب وٱبن مُحَيْصِن « أن يُنْزِل » مخفّفاً ، وكذلك سائر ما في القرآن ، إلا { وَمَا نُنَزِّلُه } [ الحجر : 21 ] في « الحجر » ، وفي « الأنعام » { عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيةً } [ الأنعام : 37 ] . قوله تعالى : { فباءوا } أي رجعوا وأكثر ما يقال في الشر وقد تقدّم . { بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٍ } تقدّم معنى غضب الله عليهم ، وهو عقابه فقيل : الغضب الأوّل لعبادتهم العجل ، والثاني لكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، قاله ٱبن عباس . وقال عكرمة : لأنهم كفروا بعيسى ثم كفروا بمحمد يعني اليهود . وروى سعيد عن قتادة : الأوّل لكفرهم بالإنجيل ، والثاني لكفرهم بالقرآن . وقال قوم : المراد التأييد وشدّة الحال عليهم ، لا أنه أراد غضبين مُعَلَّلين بمعصيتين . و { مُّهِينٌ } مأخوذ من الهوان ، وهو ما ٱقتضى الخلود في النار دائماً بخلاف خلود العصاة من المسلمين فإن ذلك تمحيص لهم وتطهير ، كرجم الزاني وقطع يد السارق ، على ما يأتي بيانه في سورة « النساء » من حديث أبي سعيد الخدريّ ، إن شاء الله تعالى .