Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 47-50)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فَأْتِيَاهُ فَقُولاۤ إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ } في الكلام حذف ، والمعنى : فأتياه فقالا له ذلك . { فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } أي خَلِّ عنهم . { وَلاَ تُعَذِّبْهُمْ } أي بالسّخرة والتعب في العمل ، وكان بنو إسرائيل عند فرعون في عذاب شديد يذبّح أبناءهم ، ويستحيي نساءهم ، ويكلّفهم من العمل في الطّين واللَّبِن وبناء المدائن ما لا يطيقونه . { قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ } قال ابن عباس : يريد العصا واليد . وقيل : إن فرعون قال له : وما هي ؟ فأدخل يده في جيب قميصه ، ثم أخرجها بيضاء لها شعاع مثل شعاع الشمس ، غلب نورها على نور الشمس فعجب منها . ولم يره العصا إلا يوم الزّينة . { وَٱلسَّلاَمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلْهُدَىٰ } قال الزجاج : أي من اتبع الهدى سلم من سخط الله عز وجل وعذابه . قال : وليس بتحية ، والدليل على ذلك أنه ليس بابتداء لِقاءٍ ولا خطاب . الفراء : السلام على من اتبع الهدى ولمن اتبع الهدى سواء . { إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَآ أَنَّ ٱلْعَذَابَ } يعني الهلاك والدَّمار في الدنيا والخلود في جهنم في الآخرة { عَلَىٰ مَن كَذَّبَ } أنبياء الله { وَتَوَلَّىٰ } أعرض عن الإيمان . وقال ابن عباس : هذه أَرَجى آية للموحِّدين لأنهم لم يكذِّبوا ولم يتولّوا . قوله تعالى : { قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ } ذكر فرعون موسى دون هارون لرؤوس الآي . وقيل : خصّصه بالذكر لأنه صاحب الرسالة والكلام والآية . وقيل : إنهما جميعاً بلّغا الرسالة وإن كان ساكتاً لأنه في وقت الكلام إنما يتكلم واحد ، فإذا انقطع وازره الآخر وأَيَّده . فصار لنا في هذا البناء فائدة علمٍ أن الاثنين إذا قُلِّدا أمراً فقام به أحدهما ، والآخر شخصه هناك موجود مستغنى عنه في وقت دون وقت أنهما أديا الأمر الذي قُلِّدا وقاما به واستوجبا الثواب ، لأن الله تعالى قال : { ٱذْهَبَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ } وقال : { ٱذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ } وقال : { فَقُولاَ لَهُ } فأمرهما جميعاً بالذهاب وبالقول ، ثم أعلمنا في وقت الخطاب بقوله : { فَمَن رَّبُّكُمَا } أنه كان حاضراً مع موسى . { قَالَ } موسى : { رَبُّنَا ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ } أي أنه يُعرَف بصفاته ، وليس له اسم عَلَم حتى يقال فلان ، بل هو خالق العالم ، وهو الذي خصّ كل مخلوق بهيئة وصورة ، ولو كان الخطاب معهما لقالا : قالا ربنا . « وخَلْقَهُ » أول مفعولي أعطى ، أي أعطى خليقته كل شيء يحتاجون إليه ويرتفقون به ، أو ثانيهما أي أعطى كل شيء صورته وشكله الذي يطابق المنفعة المنوطة به على قول الضحاك على ما يأتي . { ثُمَّ هَدَىٰ } قال ابن عباس وسعيد بن جبير والسدي : أعطى كل شيء زوجه من جنسه ، ثم هداه إلى منكحه ومطعمه ومشربه ومسكنه . وعن ابن عباس : ثم هداه إلى الألفة والاجتماع والمناكحة . وقال الحسن وقتادة : أعطى كل شيء صلاحه ، وهَداه لما يصلحه . وقال مجاهد : أعطى كل شيء صورة لم يجعل خلق الإنسان في خلق البهائم ، ولا خلق البهائم في خلق الإنسان ، ولكن خلق كل شيء فقدّره تقديراً . وقال الشاعر : @ وله في كلِّ شيءٍ خِلْقَةٌ وكذاك الله ما شاء فعلْ @@ يعني بالخلقة الصورة وهو قول عطية ومقاتل . وقال الضحاك : أعطى كل شيء خلْقه من المنفعة المنوطة به المطابقة له . يعني اليد للبطش ، والرجل للمشي ، واللسان للنطق ، والعين للنظر ، والأذن للسمع . وقيل : أعطى كل شيء ما ألهمه من علم أو صناعة . وقال الفراء : خلق الرجل للمرأة ، ولكل ذكر ما يوافقه من الإناث ، ثم هدى الذكر للأنثى . فالتقدير على هذا أعطى كل شيء مثل خلقه . قلت : وهذا معنى قول ابن عباس . والآية بعمومها تتناول جميع الأقوال . وروى زائدة عن الأعمش أنه قرأ « الَّذِي أَعْطَى كُل شَيْءٍ خَلَقَهُ » بفتح اللام وهي قراءة ابن أبي إسحاق ورواها نصير عن الكسائي وغيره أي أعطى بني آدم كل شيء خلقه مما يحتاجون إليه . فالقراءتان متفقتان في المعنى .