Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 104-104)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يَوْمَ نَطْوِي ٱلسَّمَآءَ } قرأ أبو جعفر بن القعقاع وشيبة بن نِصَاح والأعرج والزُّهري « تُطْوَىَ » بتاء مضمومة « السَّمَاءُ » رفعاً على ما لم يسم فاعله . مجاهد « يَطوِي » على معنى يطوي الله السماء . الباقون « نَطْوِي » بنون العظمة . وانتصاب « يوم » على البدل من الهاء المحذوفة في الصلة التقدير : الذي كنتم توعدونه يوم نطوي السماء . أو يكون منصوباً بـ « ـنعيد » من قوله : { كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ } . أو بقوله : « لا يحزنهم » أي لا يحزنهم الفزع الأكبر في اليوم الذي نطوي فيه السماء . أو على إضمار واذكر ، وأراد بالسماء الجنس دليله : { وَٱلسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ } [ الزمر : 67 ] . { كَطَىِّ ٱلسِّجِلِّ للكِتَاب } قال ابن عباس ومجاهد : أي كطي الصحيفة على ما فيها فاللام بمعنى « على » . وعن ابن عباس أيضاً : اسم كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بالقوي لأن كُتّاب رسول الله صلى الله عليه وسلم معروفون ليس هذا منهم ، ولا في أصحابه من اسمه السِّجل . وقال ابن عباس أيضاً وابن عمر والسدي : « السّجل » ملَك ، وهو الذي يطوي كتب بني آدم إذا رفعت إليه . ويقال : إنه في السماء الثالثة ، ترفع إليه أعمال العباد ، يرفعها إليه الحفظة الموكلون بالخلق في كل خميس واثنين ، وكان من أعوانه فيما ذكروا هاروت وماروت . والسجل الصك ، وهو اسم مشتق من السّجالة وهي الكتابة وأصلها من السّجْل وهو الدّلو تقول : ساجلت الرجل إذا نزعت دلواً ونزع دلواً ، ثم استعيرت فسميت المكاتبة والمراجعة مساجلة . وقد سَجّل الحاكمُ تسجيلاً . وقال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب : @ مَنْ يُسَاجِلْني يُساجلْ ماجداً يَملأ الدَّلَو إلى عَقْدِ الكَرَب @@ ثم بنى هذا الاسم على فِعِلّ مثل حِمِرّ وطِمِرّ وبِلِيّ . وقرأ أبو زرعة بن عمرو بن جرير « كَطَيِّ السُّجُلِّ » بضم السين والجيم وتشديد اللام . وقرأ الأعمش وطلحة « كَطَيِّ السَّجْلِ » بفتح السين وإسكان الجيم وتخفيف اللام . قال النحاس : والمعنى واحد إن شاء الله تعالى . والتمام عند قوله : « لِلْكِتَابِ » . والطَّي في هذه الآية يحتمل معنيين : أحدهما : الدَّرْج الذي هو ضد النّشر ، قال الله تعالى : { وَٱلسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ } [ الزمر : 67 ] . والثاني : الإخفاء والتعمية والمحو لأن الله تعالى يمحو ويطمس رسومها ويكدر نجومها . قال الله تعالى : { إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتْ } [ التكوير : 1 2 ] ، { وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ كُشِطَتْ } [ التكوير : 11 ] . « لِلْكِتَابِ » وتم الكلام . وقراءة الأعمش وحفص وحمزة والكسائي ويحيـى وخلف : « لِلْكُتُبِ » جمعاً ثم استأنف الكلام فقال : { كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ } أي نحشرهم حفاة عراة غرلاً كما بُدئوا في البطون . وروى النّسائي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " يحشر الناس يوم القيامة عُراة غُرْلاً أوّل الخلق يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام ثم قرأ { كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ } " أخرجه مسلم أيضاً عن ابن عباس قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة فقال : " يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حُفاة عُراة غُرْلاً { كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ } ألا وإن أوّل الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام " وذكر الحديث . وقد ذكرنا هذا الباب في كتاب « التذكرة » مستوفى . وذكر سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء عن عبد الله بن مسعود قال : يرسل الله عز وجل ماء من تحت العرش كمنيّ الرجال فتنبت منه لُحمانهم وجسمانهم كما تنبت الأَرَضُ بالثرى . وقرأ { كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ } . وقال ابن عباس : المعنى نهلك كل شيء ونفنيه كما كان أوّل مرة وعلى هذا فالكلام متصل بقوله : { يَوْمَ نَطْوِي ٱلسَّمَآءَ } أي نطويها فنعيدها إلى الهلاك والفناء فلا تكون شيئاً . وقيل : نفني السماء ثم نعيدها مرة أخرى بعد طيها وزوالها كقوله : { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَاوَاتُ } [ إبراهيم : 48 ] والقول الأوّل أصح وهو نظير قوله : { وَلَّقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } وقوله عز وجل : { وَعُرِضُواْ عَلَىٰ رَبِّكَ صَفَّاً لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } [ الكهف : 48 ] . { وَعْداً } نصب على المصدر أي وعدنا وعداً { عَلَيْنَآ } إنجازه والوفاء به أي من البعث والإعادة ، ففي الكلام حذف . ثم أكد ذلك بقوله جل ثناؤه : { إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ } قال الزجاج : معنى { إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ } إنا كنا قادرين على ما نشاء . وقيل : « إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ » أي ما وعدناكم وهو كما قال : { كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً } [ المزمل : 18 ] . وقيل : « كان » للإخبار بما سبق من قضائه . وقيل : صلة .