Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 22-24)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا } أي لو كان في السموات والأرضين آلهة غير الله معبودون لفسدتا . قال الكسائي وسيبويه : « إلاّ » بمعنى غير فلما جعلت إلا في موضع غير أعرب اسم الذي بعدها بإعراب غير ، كما قال : @ وكلُّ أخٍ مفارقُه أخوهُ لَعَمْرُ أبيكَ إلاّ الْفَرْقَدَان @@ وحكى سيبويه : لو كان معنا رجل إلا زيد لهلكنا . وقال الفراء : « إلا » هنا في موضع سوى ، والمعنى : لو كان فيهما آلهة سوى الله لفسد أهلها . وقال غيره : أي لو كان فيهما إلهان لفسد التدبير لأن أحدهما إن أراد شيئاً والآخر ضده كان أحدهما عاجزاً . وقيل : معنى « لَفَسَدَتَا » أي خربتا وهلك من فيهما بوقوع التنازع بالاختلاف الواقع بين الشركاء . { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ } نَزّه نفسه وأمر العباد أن ينزهوه عن أن يكون له شريك أو ولد . قوله تعالى : { لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } قاصمة للقدرية وغيرهم . قال ابن جريج : المعنى لا يسأله الخلق عن قضائه في خلقه وهو يسأل الخلق عن عملهم لأنهم عبيد . بيّن بهذا أن من يسأل غداً عن أعماله كالمسيح والملائكة لا يصلح للإلهية . وقيل : لا يؤاخذ على أفعاله وهم يؤاخذون . وروي عن علي رضي الله عنه أن رجلاً قال له : يا أمير المؤمنين : أيحب ربنا أن يعصى ؟ قال : أفيعصى ربنا قهراً ؟ قال : أرأيت إن منعني الهدى ومنحني الردى أأحسن إلي أم أساء ؟ قال : إن منعك حقك فقد أساء ، وإن منعك فضله فهو فضله يؤتيه من يشاء . ثم تلا الآية { لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } . وعن ابن عباس قال : لما بعث الله عز وجل موسى وكلمه ، وأنزل عليه التوراة ، قال : اللهم إنك رب عظيم ، لو شئت أن تطاع لأُطِعت ، ولو شئت ألا تُعصى ما عُصيت ، وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تُعصى فكيف هذا يا رب ؟ فأوحى الله إليه : إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون . قوله تعالى : { أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً } أعاد التعجب في اتخاذ الآلهة من دون الله مبالغة في التوبيخ أي صفتهم كما تقدم في الإنشاء والإحياء ، فتكون « أم » بمعنى هل على ما تقدم ، فليأتوا بالبرهان على ذلك . وقيل : الأول احتجاج من حيث المعقول لأنه قال : « هُمْ يُنْشِرُونَ » ويحيون الموتى هيهات ! والثاني احتجاج بالمنقول ، أي هاتوا برهانكم من هذه الجهة ، ففي أي كتاب نزل هذا ؟ ! في القرآن ، أم في الكتب المنزلة على سائر الأنبياء ؟ ! { هَـٰذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ } بإخلاص التوحيد في القرآن { وَذِكْرُ مَن قَبْلِي } في التوراة والإنجيل ، وما أنزل الله من الكتب فانظروا هل في كتاب من هذه الكتب أن الله أمر باتخاذ آلهة سواه ؟ فالشرائع لم تختلف فيما يتعلق بالتوحيد ، وإنما اختلفت في الأوامر والنواهي . وقال قتادة : الإشارة إلى القرآن المعنى : { هَـٰذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ } بما يلزمهم من الحلال والحرام { وَذِكْرُ مَن قَبْلِي } من الأمم ممن نجا بالإيمان وهلك بالشرك . وقيل : { ذِكْرُ مَن مَّعِيَ } بما لهم من الثواب على الإيمان والعقاب على الكفر { وَذِكْرُ مَن قَبْلِي } من الأمم السالفة فيما يفعل بهم في الدنيا ، وما يفعل بهم في الآخرة . وقيل : معنى الكلام الوعيد والتهديد ، أي افعلوا ما شئتم فعن قريب ينكشف الغطاء . وحكى أبو حاتم : أن يحيـى بن يعمر وطلحة بن مُصرِّف قرأا « هذا ذِكْرٌ مِنْ معِي وذِكْرٌ مِنْ قَبْلِي » بالتنوين وكسر الميم ، وزعم أنه لا وجه لهذا . وقال أبو إسحاق الزجاج في هذه القراءة : المعنى هذا ذكرٌ مما أنزل إليّ ومما هو معي وذكرٌ مِن قبلي . وقيل : ذكرٌ كائن مِن قبلي ، أي جئت بما جاءت به الأنبياء من قبلي . { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ٱلْحَقَّ } وقرأ ابن مُحيصن والحسن « الْحَقُّ » بالرفع بمعنى هو الحقُّ وهذا هو الحقُّ . وعلى هذا يوقف على « لا يعلمون » ولا يوقف عليه على قراءة النصب { فَهُمْ مُّعْرِضُونَ } أي عن الحق وهو القرآن ، فلا يتأملون حجة التوحيد .