Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 4-6)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { قُلْ رَبِّي يَعْلَمُ ٱلْقَوْلَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } أي لا يخفى عليه شيء مما يقال في السماء والأرض . وفي مصاحف أهل الكوفة « قَالَ رَبِّي » أي قال محمد ربي يعلم القول أي هو عالم بما تناجيتم به . وقيل : إن القراءة الأولى أولى لأنهم أسروا هذا القول فأظهر الله عز وجل عليه نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأمره أن يقول لهم هذا قال النحاس : والقراءتان صحيحتان وهما بمنزلة الآيتين ، وفيهما من الفائدة أن النبي صلى الله عليه وسلم أُمِر وأنه قال كما أُمِرَ . قوله تعالى : { بَلْ قَالُوۤاْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ } قال الزجاج : أي قالوا الذي يأتي به أضغاث أحلام . وقال غيره : أي قالوا هو أخلاط كالأحلام المختلطة أي أهاويل رآها في المنام قال معناه مجاهد وقتادة ومنه قول الشاعر : @ كضِغْث حُلْمٍ غُرَّ منه حَالِمُه @@ وقال القتبي : إنها الرؤيا الكاذبة وفيه قول الشاعر : @ أحاديثُ طَسْمٍ أو سرابٌ بفدفدٍ تَرقْرَقُ للسَّارِي وأضغاثُ حالِم @@ وقال اليزيديّ : الأضغاث ما لم يكن له تأويل . وقد مضى هذا في « يوسف » . فلما رأوا أن الأمر ليس كما قالوا انتقلوا عن ذلك فقالوا : « بل افتراه » ثم انتقلوا عن ذلك فقالوا : « بل هو شاعر » أي هم متحيّرون لا يستقرّون على شيء : قالوا مرة سحر ، ومرة أضغاث أحلام ، ومرة افتراه ، ومرة شاعر . وقيل : أي قال فريق إنه ساحر ، وفريق إنه أضغاث أحلام وفريق إنه افتراه ، وفريق إنه شاعر . والافتراء الاختلاق وقد تقدّم . { فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَآ أُرْسِلَ ٱلأَوَّلُونَ } أي كما أرسل موسى بالعصا وغيرها من الآيات ومثل ناقة صالح . وكانوا عالمين بأن القرآن ليس بسحر ولا رؤيا ولكن قالوا : ينبغي أن يأتي بآية نقترحها ولم يكن لهم الاقتراح بعدما رأوا آية واحدة . وأيضاً إذا لم يؤمنوا بآية هي من جنس ما هم أعلم الناس به ، ولا مجال للشبهة فيها فكيف يؤمنون بآية غيرها ، ولو أبرأ الأكمه والأبرص لقالوا : هذا من باب الطبّ ، وليس ذلك من صناعتنا وإنما كان سؤالهم تعنتا إذ كان الله أعطاهم من الآيات ما فيه كفاية . وبين الله عز وجل أنهم لو كانوا يؤمنون لأعطاهم ما سألوه لقوله عز وجل : { وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ } [ الأنفال : 23 ] . قوله تعالى : { مَآ آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِّن قَرْيَةٍ } قال ابن عباس : يريد قوم صالح وقوم فرعون . { أَهْلَكْنَاهَآ } يريد كان في علمنا هلاكها . { أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ } يريد يصدقون أي فما آمنوا بالآيات فاستؤصلوا ، فلو رأى هؤلاء ما اقترحوا لما آمنوا لما سبق من القضاء بأنهم لا يؤمنون أيضاً وإنما تأخر عقابهم لعلمنا بأن في أصلابهم من يؤمن . و « مِن » زائدة في قوله : « مِنْ قَرْيَةٍ » كقوله : { فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } [ الحاقة : 47 ] .