Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 59-61)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { قَالُواْ مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَآ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلظَّالِمِينَ } المعنى لما رجعوا من عيدهم ورأوا ما أحدث بآلهتهم ، قالوا على جهة البحث والإنكار : { مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَآ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلظَّالِمِينَ } . وقيل : « من » ليس استفهاماً ، بل هو ابتداء وخبره « لمِن الظالمِين » . أي فاعل هذا ظالم . والأوّل أصح لقوله : { سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ } وهذا هو جواب « مَنْ فَعَلَ هَذا » . والضمير في « قالوا » للقوم الضعفاء الذين سمعوا إبراهيم ، أو الواحد على ما تقدّم . ومعنى « يذكرهم » يعيبهم ويسبّهم فلعله الذي صنع هذا . واختلف الناس في وجه رفع إبراهيم فقال الزجاج : يرتفع على معنى يقال له هو إبراهيم فيكون خبر مبتدأ محذوف ، والجملة محكية . قال : ويجوز أن يكون رفعاً على النداء وضمه بناء ، وقام له مقام ما لم يسم فاعله . وقيل : رفعه على أنه مفعول ما لم يسم فاعله على أن يجعل إبراهيم غير دال على الشخص ، بل يجعل النطق به دالاً على بناء هذه اللفظة . أي يقال له هذا القول وهذا اللفظ ، وهذا كما تقول زيد وزن فَعْل ، أو زيد ثلاثة أحرف ، فلم تدل بوجه على الشخص ، بل دللت بنطقك على نفس اللفظة . وعلى هذه الطريقة تقول : قلت إبراهيم ، ويكون مفعولاً صحيحاً نزلته منزلة قول وكلام فلا يتعذر بعد ذلك أن يبنى الفعل فيه للمفعول . هذا اختيار ابن عطية في رفعه . وقال الأستاذ أبو الحجاج الأشبيلي الأعلم : هو رفع على الإهمال . قال ابن عطية : لما رأى وجوه الرفع كأنها لا توضح المعنى الذي قصدوه ، ذهب إلى رفعه بغير شيء ، كما قد يرفع التجرد والعرو عن العوامل الابتداء . والفتى الشاب والفتاة الشابة . وقال ابن عباس : ما أرسل الله نبياً إلا شاباً . ثم قرأ { سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ } . قوله تعالى : { قَالُواْ فَأْتُواْ بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ ٱلنَّاسِ } فيه مسألة واحدة ، وهي : أنه لما بلغ الخبر نمروذ وأشراف قومه ، كرهوا أن يأخذوه بغير بينة ، فقالوا : ائتوا به ظاهراً بمرأى من الناس حتى يروه { لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ } عليه بما قال ليكون ذلك حجة عليه . وقيل : « لعلهم يشهدون » عقابه فلا يقدم أحد على مثل ما أقدم عليه . أو لعل قوماً « يشهدون » بأنهم رأوه يكسر الأصنام ، أو « لعلهم يشهدون » طعنه على آلهتهم ليعلموا أنه يستحق العقاب . قلت : وفي هذا دليل على أنه كان لا يؤاخذ أحد بدعوى أحد فيما تقدّم لقوله تعالى { فَأْتُواْ بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ } وهكذا الأمر في شرعنا ولا خلاف فيه .