Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 37-37)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فيه خمس مسائل : الأولى : قوله تعالى : { لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا } قال ابن عباس : كان أهل الجاهلية يضرّجون البيت بدماء البُدْن ، فأراد المسلمون أن يفعلوا ذلك فنزلت الآية . والنَّيل لا يتعلق بالبارىء تعالى ، ولكنه عبّر عنه تعبيراً مجازياً عن القبول ، المعنى : لن يصل إليه . وقال ابن عباس : لن يصعد إليه . ابن عيسى : لن يقبل لحومها ولا دماءها ، ولكن يصل إليه التقوى منكم أي ما أريد به وجهه فذلك الذي يقبله ويُرفع إليه ويسمعه ويُثِيب عليه ومنه الحديث " إنما الأعمال بالنيات " والقراءة « لن ينال اللَّهَ » و « ينالُه » بالياء فيهما . وعن يعقوب بالتاء فيهما ، نظراً إلى اللحوم . الثانية : قوله تعالى : { كَذٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ } مَنّ سبحانه علينا بتذليلها وتمكيننا من تصريفها وهي أعظم مِنا أبداناً وأقوى منا أعضاء ، ذلك ليعلم العبد أن الأمور ليست على ما يظهر إلى العبد من التدبير ، وإنما هي بحسب ما يريدها العزيز القدير ، فيغلِب الصغيرُ الكبيرَ ليعلم الخلق أن الغالب هو الله الواحد القهار فوق عباده . الثالثة : قوله تعالى : { لِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ } ذكر سبحانه ذِكر اسمِه عليها في الآية قبلها فقال عزّ من قائل : { فاذكروا اسم اللَّهِ عليها } ، وذكر هنا التكبير . وكان ابن عمر رضي الله عنهما يجمع بينهما إذا نَحَر هَدْيَه فيقول : باسم الله والله أكبر وهذا من فقهه رضي الله عنه . وفي الصحيح عن أنس قال : ضحَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكَبْشين أمْلَحَيْن أقْرَنَيْن . قال : ورأيته يذبحهما بيده ، ورأيته واضعاً قدمه على صِفاحهما ، وسَمّى وكبّر . وقد اختلف العلماء في هذا فقال أبو ثور : التسمية متعيّنة كالتكبير في الصلاة وكافّة العلماء على استحباب ذلك . فلو قال ذكرا آخر فيه اسم من اسماء الله تعالى وأراد به التسمية جاز . وكذلك لو قال : الله أكبر فقط ، أو لا إلٰه إلا الله قاله ابن حبيب . فلو لم يرد التسمية لم يَجْز عن التسمية ولا تؤكل قاله الشافعي ومحمد بن الحسن . وكره كافة العلماء من أصحابنا وغيرهم الصلاةَ على النبيّ صلى الله عليه وسلم عند التسمية في الذبح أو ذِكره ، وقالوا : لا يذكر هنا إلا الله وحده . وأجاز الشافعيّ الصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم عند الذبح . الرابعة : ذهب الجمهور إلى أن قول المضحِّي : اللَّهُمَّ تقبل مني جائز . وكره ذلك أبو حنيفة والحجة عليه ما رواه الصحيح عن عائشة رضي الله عنها ، وفيه : ثم قال : " باسم الله اللَّهُمَّ تقبّل من محمد وآل محمد ومن أمّة محمد " ثم ضحَّى به . واستحب بعضهم أن يقول ذلك بنص الآية { رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } [ البقرة : 127 ] . وكره مالك قولهم : اللهم منك وإليك ، وقال : هذه بدعة . وأجاز ذلك ابن حبيب من أصحابنا والحسن . والحجة لهما ما رواه أبو داود عن جابر بن عبد الله قال : " ذبح النبيّ صلى الله عليه وسلم يوم الذبح كبشين أقرنين مَوْجُوءَيْن أملحين ، فلما وجّههما قال : « إني وَجّهتُ وَجْهِيَ لِلذِي فَطَر السمواتِ والأرضَ حَنِيفاً وقرأ إلى قوله : وأنا أوَّل المسلمِين اللَّهُمَّ منك ولك عن محمد وأمته باسم الله والله أكبر » " ثم ذبح . فلعلّ مالكاً لم يبلغه هذا الخبر ، أو لم يصح عنده ، أو رأى العمل يخالفه . وعلى هذا يدل قوله : إنه بدعة . والله أعلم . الخامسة : قوله تعالى : { وَبَشِّرِ ٱلْمُحْسِنِينَ } رُوي أنها نزلت في الخلفاء الأربعة حسبما تقدّم في الآية التي قبلها . فأما ظاهر اللفظ فيقتضي العموم في كل محسِن .