Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 8-10)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ومِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ } أي نيّر بيّن الحجة . نزلت في النضر بن الحارث . وقيل : في أبي جهل بن هشام قاله ابن عباس . والمُعْظم على أنها نزلت في النضر بن الحارث كالآية الأولى ، فهما في فريق واحد ، والتكرير للمبالغة في الذم كما تقول للرجل تذمّه وتوبّخه : أنت فعلت هذا ! أنت فعلت هذا ! ويجوز أن يكون التكرير لأنه وصفه في كل آية بزيادة فكأنه قال : إن النضر بن الحارث يجادل في الله بغير علم ويتبّع كلّ شيطان مريد ، والنضر بن الحارث يجادل في الله من غير علم ومن غير هُدًى وكتاب منير لِيُضل عن سبيل الله . وهو كقولك : زيد يشتمني وزيد يضربني وهو تكرار مفيد قاله القشيريّ . وقد قيل : نزلت فيه بضعَ عشرة آية . فالمراد بالآية الأولى إنكاره البعث ، وبالثانية إنكاره النبوّة ، وأن القرآن منزل من جهة الله . وقد قيل : كان من قول النضر بن الحارث أن الملائكة بنات الله ، وهذا جِدال في الله تعالى . « مَنْ » في موضع رفع بالابتداء . والخبر في قوله : « ومِنَ الناسِ » . { ثَانِيَ عِطْفِهِ } نصب على الحال . ويتأوّل على معنيين : أحدهما : روي عن ابن عباس أنه قال : هو النضر بن الحارث ، لَوَى عنقه مَرَحاً وتعظُّماً . والمعنى الآخر : وهو قول الفراء أن التقدير : ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ثاني عِطْفه ، أي مُعْرِضاً عن الذّكر ذكره النحاس . وقال مجاهد وقتادة : لاوِياً عنقه كفراً . ابن عباس : مُعْرِضاً عما يُدْعَى إليه كفراً . والمعنى واحد . وروى الأوزاعيّ عن مَخْلد بن حسين عن هشام بن حسان عن ابن عباس في قوله عز وجل : { ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } قال : هو صاحب البدعة . المبرّد : العِطْف ما انثنى من العنق . وقال المفضّل : والعطف الجانب ومنه قولهم : فلان ينظر في أعطافه ، أي في جوانبه . وعِطْفَا الرجل من لَدُنْ رأسه إلى وَرِكَيْه . وكذلك عِطْفَا كلّ شيء جانباه . ويقال : ثَنَى فلان عني عِطفه إذا أعرض عنك . فالمعنى : أي هو معرض عن الحق في جِدَاله ومُوَلٍّ عن النظر في كلامه وهو كقوله تعالى : { وَلَّىٰ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا } [ لقمان : 7 ] . وقوله تعالى : { لَوَّوْاْ رُءُوسَهُمْ } [ المنافقون : 5 ] . وقوله : { أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ } [ الإسراء : 83 ] . وقوله : { ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ } [ القيامة : 33 ] . { لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي عن طاعة الله تعالى . وقرىء « لِيَضِل » بفتح الياء . واللام لام العاقبة أي يجادل فيضل كقوله تعالى : { لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً } [ القصص : 28 ] أي فكان لهم كذلك . ونظيره { إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُواْ } [ النحل : 54 55 ] . { لَهُ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ } أي هوان وذلّ بما يجري له من الذكر القبيح على ألسنة المؤمنين إلى يوم القيامة كما قال : { وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ } [ القلم : 10 ] الآية . وقوله تعالى : { تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ } [ المسد : 1 ] . وقيل : الخزي هاهنا القتل فإن النبيّ صلى الله عليه وسلم قتل النضر بن الحارث يوم بدر صَبْراً كما تقدّم في آخر الأنفال . { وَنُذِيقُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } أي نار جهنم . { ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ } أي يقال له في الآخرة إذا دخل النار : ذلك العذاب بما قدمت يداك من المعاصي والكفر . وعبّر باليد عن الجملة لأن اليد التي تفعل وتبطِش للجملة . و « ذلِك » بمعنى هذا ، كما تقدّم في أوّل البقرة .