Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 51-51)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فيه ثلاث مسائل : الأولى : روى الصحيح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيّها الناس إن الله طيّب لا يَقْبَل إلا طيباً وإنّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال : { يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } وقال تعالى : { يأيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم } ثم ذكر الرجلَّ يُطيل السّفر أشعث أغبر يمدّ يديه إلى السماء يا رب يا ربِّ ومَطْعَمُه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغُذِيَ بالحرام فأنَّى يستجاب لذلك " . الثانية : قال بعض العلماء : والخطاب في هذه الآية للنبيّ صلى الله عليه وسلم ، وأنه أقامه مقام الرسل كما قال : { ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ } [ آل عمران : 173 ] يعني نُعيم بن مسعود . وقال الزجاج : هذه مخاطبة للنبيّ صلى الله عليه وسلم ، ودلّ الجمع على أن الرسل كلهم كذا أمروا أي كلوا من الحلال . وقال الطبريّ : الخطاب لعيسى عليه السلام روي أنه كان يأكل من غزل أمه . والمشهور عنه أنه كان يأكل من بقل البَرِّيّة . ووجه خطابه لعيسى ما ذكرناه من تقديره لمحمد صلى الله عليه وسلم تشريفاً له . وقيل : إن هذه المقالة خوطب بها كل نبيّ لأن هذه طريقتهم التي ينبغي لهم الكون عليها . فيكون المعنى : وقلنا يا أيها الرسل كلوا من الطيبات كما تقول لتاجر : يا تجار ينبغي أن تجتنبوا الربا فأنت تخاطبه بالمعنى . وقد اقترن بذلك أن هذه المقالة تصلح لجميع صنفه ، فلم يخاطبوا قطّ مجتمعين صلوات الله عليهم أجمعين ، وإنما خوطب كل واحد في عصره . قال الفرّاء : هو كما تقول للرجل الواحد : كُفُّوا عنا أذاكم . الثالثة : سوّى الله تعالى بين النبيّين والمؤمنين في الخطاب بوجوب أكل الحلال وتجنب الحرام ، ثم شمل الكل في الوعيد الذي تضمنه قوله تعالى : { إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } صلى الله على رسله وأنبيائه . وإذا كان هذا معهم فما ظن كل الناس بأنفسهم . وقد مضى القول في الطيبات والرزق في غير موضع ، والحمد لله . وفي قوله عليه السلام : « يمد يديه » دليل على مشروعية مدّ اليدين عند الدعاء إلى السماء وقد مضى الخلاف في هذا والكلام فيه والحمد لله . وقوله عليه السلام « فأنَّى يستجاب لذلك » على جهة الاستبعاد أي أنه ليس أهلاً لإجابة دعائه لكن يجوز أن يستجيب الله له تفضلاً ولطفاً وكرماً .