Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 57-60)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيةِ رَبِّهِمْ مُّشْفِقُونَ } لما فرغ من ذكر الكفرة وتوعّدهم عقّب ذلك بذكر المؤمنين المسارعين في الخيرات ووعدهم ، وذكر ذلك بأبلغ صفاتهم . و { مُّشْفِقُونَ } خائفون وجِلون مما خوّفهم الله تعالى . { وَٱلَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبَّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَٱلَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ وَٱلَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ } قال الحسن : يؤتون الإخلاص ويخافون ألا يقبل منهم . وروى الترمذي " عن عائشة رضي الله عنها زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية { وَٱلَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ } قالت عائشة : أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون ؟ قال : « لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدّقون وهم يخافون ألا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات » " وقال الحسن : لقد أدركنا أقواماً كانوا من حسناتهم أن ترد عليهم أشفق منكم على سيئاتكم أن تعذبوا عليها . وقرأت عائشة رضي الله عنها وابنُ عباس والنَّخَعِيّ « والذين يأتون ما أتوا » مقصوراً من الإتيان . قال الفرّاء : ولو صحت هذه القراءة عن عائشة لم تخالف قراءة الجماعة لأن الهمز من العرب من يلزم فيه الألف في كل الحالات إذا كتب فيكتب سُئل الرجل بألف بعد السين ، ويستهزئون بألف بين الزاي والواو ، وشيءٌ وشيٍ بألف بعد الياء ، فغير مستنكر في مذهب هؤلاء أن يكتب « يؤتون » بألف بعد الياء ، فيحتمل هذا اللفظ بالبناء على هذا الخط قراءتين « يؤتون ما آتوا » و « يأتون ما أتوا » . وينفرد ما عليه الجماعة باحتمال تأويلين : أحدهما : والذين يعطون ما أعطوا من الزكاة والصدقة وقلوبهم خائفة . والآخر : والذين يؤتون الملائكة الذين يكتبون الأعمال على العباد ما آتوا وقلوبهم وجلة فحُذِف مفعولٌ في هذا الباب لوضوح معناه كما حذف في قوله عز وجل : { فِيهِ يُغَاثُ ٱلنَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ } [ يوسف : 49 ] والمعنى يعصرون السمسم والعنب فاختزِل المفعول لوضوح تأويله . ويكون الأصل في الحرف على هجائه الموجود في الإمام « يأتون » بألف مبدلة من الهمزة فكتبت الألف واواً لتآخي حروف المد واللين في الخفاء حكاه ابن الأنباري . قال النحاس : المعروف من قراءة ابن عباس « والذين يأتون ما أتوا » وهي القراءة المروية عن النبيّ صلى الله عليه وسلم وعن عائشة رضي الله عنها ، ومعناها يعملون ما عملوا كما رُوي في الحديث . والوجَل نحو الإشفاق والخوف فالتقِيّ والتائب خوْفه أمر العاقبة وما يطلع عليه بعد الموت . وفي قوله : { أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ } تنبيه على الخاتمة . وفي صحيح البخاري : " وإنما الأعمال بالخواتيم " وأما المخلِّط فينبغي له أن يكون تحت خوفٍ من أن ينفَّذ عليه الوعيد بتخليطه . وقال أصحاب الخواطر : وَجَل العارف مِن طاعته أكثر وجلاً من وجله من مخالفته لأن المخالفة تمحوها التوبة ، والطاعة تطلب بتصحيح الغرض . { أَنَّهُمْ } أي لأنهم ، أو من أجل « أنهم إلى ربهم راجعون » .