Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 80-89)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَهُوَ ٱلَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ ٱخْتِلاَفُ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } أي جعلهما مختلفَين كقولك : لك الأجر والصّلة أي إنك تؤجِر وتوصِل قاله الفرّاء . وقيل : اختلافهما نقصان أحدهما وزيادة الآخر . وقيل : اختلافهما في النور والظلمة . وقيل : تكررهما يوماً بعد ليلة وليلة بعد يوم . ويحتمل خامساً : اختلاف ما مضى فيهما من سعادة وشقاء وضلال وهدى . { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } كُنْهَ قدرته وربوبيّته ووحدانيّته ، وأنه لا يجوز أن يكون له شريك من خلقه ، وأنه قادر على البعث . ثم عيّرهم بقولهم وأخبر عنهم أنهم { قَالُواْ مِثْلَ مَا قَالَ ٱلأَوَّلُونَ قَالُوۤاْ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } هذا لا يكون ولا يتصوّر . { لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَآؤُنَا هَـٰذَا مِن قَبْلُ } أي من قبل مجيء محمد صلى الله عليه وسلم ، فلم نر له حقيقة . { إِنْ هَـٰذَآ } أي ما هذا { إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } أي أباطيلهم وتُرّهاتهم وقد تقدّم هذا كله . قال الله تعالى : { قُل } يا محمد جواباً لهم عما قالوه { لِّمَنِ ٱلأَرْضُ وَمَن فِيهَآ } يخبر بربوبيّته ووحدانيته وملكه الذي لا يزول ، وقدرته التي لا تحول فـ { ـسَيَقُولُونَ لِلَّهِ } ولا بُدّ لهم من ذلك . فـ { ـقُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } أي أفلا تتعظون وتعلمون أن من قدر على خلق ذلك ابتداء فهو على إحياء الموتى بعد موتهم قادر . { قُلْ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَاوَاتِ ٱلسَّبْعِ وَرَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } يريد أفلا تخافون حيث تجعلون لي ما تكرهون زعمتم أن الملائكة بناتي ، وكرهتم لأنفسكم البنات . { قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ } يريد السموات وما فوقها وما بينهن ، والأرضين وما تحتهن وما بينهن ، وما لا يعلمه أحد إلا هو . وقال مجاهد : « ملكوت كلِّ شيء » خزائن كل شيء . الضحاك : ملك كل شيء . والملكوت من صفات المبالغة كالجَبَرُوت والرَّهَبُوت وقد مضى في « الأنعام » . { وَهُوَ يُجْيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ } أي يَمنع ولا يُمنع منه . وقيل : « يُجير » يؤمّن من شاء . « ولا يُجَار عَلَيْه » أي لا يؤمّن من أخافه . ثم قيل : هذا في الدنيا أي من أراد الله إهلاكه وخوفه لم يمنعه منه مانع ، ومن أراد نصره وأمنه لم يدفعه من نصره وأمنه دافع . وقيل : هذا في الآخرة ، أي لا يمنعه من مستحق الثواب مانع ولا يدفعه عن مستوجب العذاب دافع . { فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ } أي فكيف تخدعون وتصرفون عن طاعته وتوحيده . أو كيف يخيَّل إليكم أن تشركوا به ما لا يضر ولا ينفع ! والسحر هو التخييل . وكل هذا احتجاج على العرب المقرين بالصانع . وقرأ أبو عمرو « سيقولون الله » في الموضعين الأخيرين وهي قراءة أهل العراق . الباقون « لله » ، ولا خلاف في الأوّل أنه « لله » لأنه جواب لـ « ـقل لمن الأرض ومن فيها » فلما تقدّمت اللام في « لمن » رجعت في الجواب . ولا خلاف أنه مكتوب في جميع المصاحف بغير ألف . وأما من قرأ « سيقولون الله » فلأن السؤال بغير لام فجاء الجواب على لفظه ، وجاء في الأوّل « لله » لمّا كان السؤال باللام . وأما من قرأ « لله » باللام في الأخيرين وليس في السؤال لام فلأن معنى « قل مَن ربّ السموات السبعِ ورب العرش العظيم » قل لمن السموات السبع ورب العرش العظيم . فكان الجواب « لله » حين قدّرت اللام في السؤال . وعلّة الثالثة كعلة الثانية . وقال الشاعر : @ إذا قيل من ربّ المزالف والقُرَى وربُّ الجياد الجُرْد قلت لخالد @@ أي لمن المزالف . والمزالف : البراغيل وهي البلاد التي بين الريف والبرّ الواحدة مزلفة . ودلّت هذه الآيات على جواز جدال الكفار وإقامة الحجة عليهم . وقد تقدم في « البقرة » . ونبّهتْ على أن من ابتدأ بالخلق والاختراع والإيجاد والإبداع هو المستحق للألوهية والعبادة .