Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 17-19)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ } قرأ ابن محيصِن وحميد وابن كثير وحفص ويعقوب وأبو عمرو في رواية الدورِيّ : { يَحْشُرُهُمْ } بالياء . واختاره أبو عبيد وأبو حاتم لقوله في أول الكلام : « كَانَ عَلَى رَبِّكَ » وفي آخره { أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَأُلاءِ } . الباقون بالنون على التعظيم . { وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } من الملائكة والإنس والجن والمسيح وعُزير قاله مجاهد وابن جريج . الضحاك وعكرمة : الأصنام . { فَيَقُولُ } قراءة العامة بالياء وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم . وقرأ ابن عامر وأبو حيوة بالنون على التعظيم . { أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا ٱلسَّبِيلَ } وهذا استفهام توبيخ للكفار . { قَالُواْ سُبْحَانَكَ } أي قال المعبودون من دون الله سبحانك أي تنزيهاً لك { مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَآءَ } . فإن قيل : فإن كانت الأصنام التي تعبد تحشر فكيف تنطق وهي جماد ؟ قيل له : ينطقها الله تعالى يوم القيامة كما ينطق الأيدي والأرجل . وقرأ الحسن وأبو جعفر : { أَنْ نُتَّخَذُ } بضم النون وفتح الخاء على الفعل المجهول . وقد تكلم في هذه القراءة النحويون فقال أبو عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر : لا يجوز { نُتَّخَذَ } . وقال أبو عمرو : لو كانت { نُتَّخَذَ } لحذفت { مِن } الثانية فقلت : أن نُتَّخذ من دونك أولياء . كذلك قال أبو عبيدة ، لا يجوز { نُتَّخَذَ } لأن الله تعالى ذكر { مِن } مرتين ، ولو كان كما قرأ لقال : أن نُتخذ من دونك أولياءَ . وقيل : إن { مِن } الثانية صلة قال النحاس : ومثل أبي عمرو على جلالته ومحله يستحسن ما قال لأنه جاء ببينة . وشرح ما قال أنه يقال : ما اتخذت رجلاً ولِياً فيجوز أن يقع هذا للواحد بعينه ثم يقال : ما اتخذت من رجل ولياً فيكون نفياً عاماً ، وقولك { وليا } تابع لما قبله فلا يجوز أن تدخل فيه { مِن } لأنه لا فائدة في ذلك . { وَلَـٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَآءَهُمْ } أي في الدنيا بالصحة والغنى وطول العمر بعد موت الرسل صلوات الله عليهم . { حَتَّىٰ نَسُواْ ٱلذِّكْرَ } أي تركوا ذكرك فأشركوا بك بطراً وجهلاً فعبدونا من غير أن أمرناهم بذلك . وفي الذكر قولان : أحدهما : القرآن المنزل على الرسل تركوا العمل به قاله ابن زيد . الثاني الشكر على الإحسان إليهم والإنعام عليهم . إنهم { وَكَانُواْ قَوْماً بُوراً } أي هلكى قاله ابن عباس . مأخوذ من البوار وهو الهلاك . وقال أبو الدرداء رضي الله عنه وقد أشرف على أهل حِمص : يا أهل حمص ! هلم إلى أخ لكم ناصح ، فلما اجتمعوا حوله قال : ما لكم لا تستحون ! تبنون ما لا تسكنون ، وتجمعون ما لا تأكلون ، وتأمُلون ما لا تدركون ، إن من كان قبلكم بنوا مشيداً وجمعوا عبيداً ، وأملوا بعيداً ، فأصبح جمعهم بوراً ، وآمالهم غروراً ، ومساكنهم قبوراً . فقوله : { بُوراً } أي هلكى . وفي خبر آخر : فأصبحت منازلهم بوراً أي خالية لا شيء فيها . وقال الحسن : { بُوراً } لا خير فيهم . مأخوذ من بوار الأرض ، وهو تعطيلها من الزرع فلا يكون فيها خير . وقال شهر بن حَوْشبَ : البوار الفساد والكساد مأخوذ من قولهم : بارت السلعة إذا كسدت كساد الفاسد ومنه الحديث : " نعوذ بالله من بوار الأَيِّم " وهو اسم مصدر كالزّور يستوي فيه الواحد والاثنان والجمع والمذكر والمؤنث . قال ابن الزِّبَعْرىَ : @ يا رسولَ المليكِ إنّ لساني راتِقٌ ما فَتَقتُ إذ أنا بُورُ إذ أُباري الشيطانَ في سَنَن الغـ نيِّ ومَنْ مَالَ ميلَه مثْبُورُ @@ وقال بعضهم : الواحد بائر والجمع بُور . كما يقال : عائذ وعُوذ ، وهائد وهُود . وقيل : « بُوراً » عمياً عن الحق . قوله تعالى : { فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ } أي يقول الله تعالى عند تبرّي المعبودين : { فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ } أي في قولكم إنهم آلهة . { فَمَا تَسْتَطِيعُونَ } يعني الآلهة صرف العذاب عنكم ولا نصركم . وقيل : فما يستطيع هؤلاء الكفار لما كذبهم المعبودون { صَرْفاً } للعذاب { وَلاَ نَصْراً } من الله . وقال ابن زيد : المعنى فقد كذبكم أيها المؤمنون هؤلاء الكفار بما جاء به محمد وعلى هذا فمعنى { بِمَا تَقُولُونَ } بما تقولون من الحق وقال أبو عبيد : المعنى فيما تقولون فما يستطيعون لكم صرفاً عن الحق الذي هداكم الله إليه ، ولا نصراً لأنفسهم مما ينزل بهم من العذاب بتكذيبهم إياكم . وقراءة العامة { بِمَا تَقُولُونَ } بالتاء على الخطاب . وقد بيّنا معناه . وحكى الفراء أنه يقرأ : { فَقَدْ كَذَبُوكُمْ } مخففاً ، { بِمَا يَقُولُونَ } . وكذا قرأ مجاهد والبَزّي بالياء ، ويكون معنى { يَقُولُونَ } بقولهم . وقرأ أبو حَيْوَة : { بِمَا يَقُولُونَ } بياء { فَما تَسْتَطِيعُونَ } بتاء على الخطاب لمتخِذِي الشركاء . ومن قرأ بالياء فالمعنى : فما يستطيع الشركاء . { وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ } قال ابن عباس : من يشرك منكم ثم مات عليه . { نُذِقْهُ } أي في الآخرة . { عَذَاباً كَبِيراً } أي شديداً كقوله تعالى : { وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً } [ الإسراء : 4 ] أي شديداً .