Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 1-3)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْفُرْقَانَ } { تَبَارَكَ } اختلف في معناه فقال الفرّاء : هو في العربية و « تقدّس » واحد ، وهما للعظمة . وقال الزجاج : { تَبَارَكَ } تفاعل من البركة . قال : ومعنى البركة الكثرة من كل ذي خير . وقيل : { تَبَارَكَ } تعالى . وقيل : تعالى عطاؤه ، أي زاد وكثر . وقيل : المعنى دام وثبت إنعامه . قال النحاس : وهذا أولاها في اللغة والاشتقاق من برك الشيء إذا ثبت ومنه برك الجمل والطير على الماء ، أي دام وثبت . فأما القول الأوّل فمخلّط لأن التقديس إنما هو من الطهارة وليس من ذا في شيء . قال الثعلبي : ويقال تبارك الله ، ولا يقال متبارَك ولا مبارَك لأنه ينتهي في أسمائه وصفاته إلى حيث ورد التوقيف . وقال الطِّرِمَّاح : @ تباركتَ لا مُعْطٍ لشيء منعته وليس لما أعطيتَ يا ربّ مانع @@ وقال آخر : @ تَبَارَكْتَ ما تَقْدِرْ يقعْ ولك الشكرُ @@ قلت : قد ذكر بعض العلماء في أسمائه الحسنى « المبارك » وذكرناه أيضا في كتابنا . فإن كان وقع اتفاق على أنه لا يقال فيسلَّم للإجماع ، وإن كان وقع فيه اختلاف فكثير من الأسماء اختلف في عدّه كالدهر وغيره . وقد نبهنا على ذلك هنالك ، والحمد لله . و « الفرقان » القرآن . وقيل : إنه اسم لكل مُنزَّل كما قال : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ ٱلْفُرْقَانَ } [ الأنبياء : 48 ] . وفي تسميته فرقاناً وجهان : أحدهما : لأنه فرّق بين الحق والباطل ، والمؤمن والكافر . الثاني : لأن فيه بيان ما شرع من حلال وحرام حكاه النقاش . { عَلَىٰ عَبْدِهِ } يريد محمداً صلى الله عليه وسلم . { لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً } اسم « يَكُون » مضمر يعود على { عَبْدِهِ } وهو أوْلى لأنه أقرب إليه . ويجوز أن يكون يعود على { الفرقان } . وقرأ عبد الله بن الزبير : { عَلَى عِبَادِهِ } . ويقال : أنذر إذا خوّف وقد تقدم في أول « البقرة » . والنذير : المحذِّر من الهلاك . الجوهريّ : والنذير المنذر ، والنذير الإنذار . والمراد بـ { ـالعالمِين } هنا الإنس والجن ، لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم قد كان رسولاً إليهما ، ونذيراً لهما ، وأنه خاتم الأنبياء ، ولم يكن غيره عامّ الرسالة إلا نوح فإنه عمّ برسالته جميع الإنس بعد الطوفان ، لأنه بدأ به الخلق . قوله تعالى : { ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } عظَّم تعالى نفسه . { وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً } نزّه سبحانه وتعالى نفسه عما قاله المشركون من أن الملائكة أولاد الله يعني بنات الله سبحانه وتعالى . وعما قالت اليهود : عزير ابن الله جلّ الله تعالى . وعما قالت النصارى : المسيح ابن الله تعالى الله عن ذلك . { وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ } كما قال عبدة الأوثان . { وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ } لا كما قال المجوس والثَّنوِيَّة : إن الشيطان أو الظلمة يخلق بعض الأشياء . ولا كما يقول من قال : للمخلوق قدرة الإيجاد . فالآية ردٌّ على هؤلاء . { فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً } أي قدّر كل شيء مما خلق بحكمته على ما أراد ، لا عن سهوة وغفلة ، بل جرت المقادير على ما خلق الله إلى يوم القيامة وبعد القيامة ، فهو الخالق المقدّر فإياه فاعبدوه . قوله تعالى : { وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً } ذكر ما صنع المشركون على جهة التعجيب في اتخاذهم الآلهة ، مع ما أظهر من الدلالة على وحدانيته وقدرته . { لاَّ يَخْلُقُونَ شَيْئاً } يعني الآلهة . { وَهُمْ يُخْلَقُونَ } لمّا اعتقد المشركون فيها أنها تضر وتنفع ، عبّر عنها كما يعبّر عما يعقل . { وَلاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً } أي لا دفع ضرّ وجلب نفع ، فحذف المضاف . وقيل : لا يقدرون أن يضروا أنفسهم أو ينفعوها بشيء ، ولا لمن يعبدهم ، لأنها جمادات . { وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلاَ حَيَـاةً وَلاَ نُشُوراً } أي لا يميتون أحداً ، ولا يحيونه . والنشور : الإحياء بعد الموت أنشر الله الموتى فنشروا . وقد تقدم . وقال الأعشى :