Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 10-15)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَإِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰ } { إِذْ } في موضع نصب المعنى : واتل عليهم { وَإِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰ } ويدلّ على هذا أنّ بعده . { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ } ذكره النحاس . وقيل : المعنى واذكر إذ نادى كما صرح به في قوله : { وَٱذْكُرْ أَخَا عَادٍ } [ الأحقاف : 21 ] وقوله : { وَٱذْكُرْ عِبَادَنَآ إِبْرَاهِيمَ } [ صۤ : 45 ] وقوله : { وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ مَرْيَمَ } [ مريم : 16 ] . وقيل : المعنى { وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى } كان كذا وكذا . والنداء الدعاء بيا فلان ، أي قال ربك يا موسى { أَنِ ٱئْتَ ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } ثم أخبر من هم فقال : { قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ } فـ { ـقومَ } بدل ومعنى { أَلاَ يَتَّقُونَ } ألا يخافون عقاب الله ؟ وقيل هذا من الإيماء إلى الشيء لأنه أمره أن يأتي القوم الظالمين ، ودلّ قوله : { يَتَّقُونَ } على أنهم لا يتقون ، وعلى أنه أمرهم بالتقوى . وقيل : المعنى قل لهم { أَلاَ تَتَّقُونَ } وجاء بالياء لأنهم غيب وقت الخطاب ، ولو جاء بالتاء لجاز . ومثله { قُلْ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ } [ آل عمران : 12 ] بالتاء والياء . وقد قرأ عبيد بن عمير وأبو حازم { أَلاَ تَتَّقُونَ } بتاءين أي قل لهم { أَلاَ تَتَّقُونَ } . { قَالَ رَبِّ } أي قال موسى { رَبِّ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ } أي في الرسالة والنبوة . { وَيَضِيقُ صَدْرِي } لتكذيبهم إياي . وقراءة العامة { وَيَضيقُ } { وَلاَ يَنْطَلِقُ } بالرفع على الاستئناف . وقرأ يعقوب وعيسى بن عمر وأبو حيوة { وَيَضِيقَ وَلاَ يَنْطَلِقَ } بالنصب فيهما ردّاً على قوله : { أَنْ يُكَذِّبُونِ } قال الكسائي : القراءة بالرفع يعني في { يَضِيقُ صَدْرِي وَلاَ يَنْطَلِقُ لِسَانِي } يعني نسقاً على { إِنِّي أَخَافُ } . قال الفراء : ويقرأ بالنصب . حكي ذلك عن الأعرج وطلحة وعيسى بن عمر وكلاهما له وجه . قال النحاس : الوجه الرفع لأن النصب عطف على { يُكَذِّبُونِ } وهذا بعيد يدلّ على ذلك قوله عز وجل : { وَٱحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُواْ قَوْلِي } [ طه : 27 28 ] فهذا يدلّ على أن هذه كذا . ومعنى ، { وَلاَ يَنْطَلِقُ لِسَانِي } في المحاجة على ما أحب وكان في لسانه عُقْدة على ما تقدّم في « طه » . { فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَارُونَ } أرسل إليه جبريل بالوحي ، واجعله رسولاً معي ليؤازرني ويظاهرني ويعاونني . ولم يذكر هنا ليعينني لأن المعنى كان معلوماً ، وقد صرح به في سورة « طه » : { وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً } وفي القصص : { أَرْسِلْهِ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي } [ القصص : 34 ] وكأن موسى أذن له في هذا السؤال ، ولم يكن ذلك استعفاء من الرسالة بل طلب من يعينه . ففي هذا دليل على أن من لا يستقل بأمر ، ويخاف من نفسه تقصيراً ، أن يأخذ من يستعين به عليه ، ولا يلحقه في ذلك لوم . { وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ } الذنب هنا قتل القبطي واسمه فاثور على ما يأتي في « القصص » بيانه ، وقد مضى في « طه » ذكره . وخاف موسى أن يقتلوه به ، ودلّ على أن الخوف قد يصحب الأنبياء والفضلاء والأولياء مع معرفتهم بالله وأن لا فاعل إلا هو إذ قد يسلط من شاء على من شاء { قَالَ كَلاَّ } أي كلا لن يقتلوك . فهو ردع وزجر عن هذا الظن ، وأمر بالثقة بالله تعالى أي ثق بالله وانزجر عن خوفك منهم فإنهم لا يقدرون على قتلك ، ولا يقوون عليه . { فَٱذْهَبَا } أي أنت وأخوك فقد جعلته رسولاً معك . { بِآيَاتِنَآ } أي ببراهيننا وبالمعجزات . وقيل : أي مع آياتنا . { إِنَّا مَعَكُمْ } يريد نفسه سبحانه وتعالى . { مُّسْتَمِعُونَ } أي سامعون ما يقولون وما يجاوبون . وإنما أراد بذلك تقوية قلبيهما وأنه يعينهما ويحفظهما . والاستماع إنما يكون بالإصغاء ، ولا يوصف الباري سبحانه بذلك . وقد وصف سبحانه نفسه بأنه السميع البصير . وقال في « طه » : { أَسْمَعُ وَأَرَىٰ } [ طه : 46 ] وقال : { مَعَكُمْ } فأجراهما مجرى الجمع لأن الاثنين جماعة . ويجوز أن يكون لهما ولمن أرسلا إليه . ويجوز أن يكون لجميع بني إسرائيل .