Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 69-77)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ } نبّه المشركين على فرط جهلهم إذ رغبوا عن اعتقاد إبراهيم ودينه وهو أبوهم . والنبأ الخبر أي اقصص عليهم يا محمد خبره وحديثه وعيبه على قومه ما يعبدون . وإنما قال ذلك ملزماً لهم الحجة . والجمهور من القراء على تخفيف الهمزة الثانية وهو أحسن الوجوه لأنهم قد أجمعوا على تخفيف الثانية من كلمة واحدة نحو آدم . وإن شئت حقّقتهما فقلت : { نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ } . وإن شئت خفّفتهما فقلت : { نبا إبراهيم } . وإن شئت خففت الأولى . وثَمَّ وجهٌ خامس إلا أنه بعيد في العربية وهو أن يدغم الهمزة في الهمزة كما يقال رأَّاس للذي يبيع الرؤوس . وإنما بعد لأنك تجمع بين همزتين كأنهما في كلمة واحدة ، وحسُن في فَعَّال لأنه لا يأتي إلا مدغماً . { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ } أي أيّ شيء تعبدون { قَالُواْ نَعْبُدُ أَصْنَاماً } وكانت أصنامهم من ذهب وفضة ونحاس وحديد وخشب . { فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ } أي فنقيم على عبادتها . وليس المراد وقتاً معيناً بل هو إخبار عما هم فيه . وقيل : كانوا يعبدونها بالنهار دون الليل ، وكانوا في الليل يعبدون الكواكب . فيقال : ظل يفعل كذا إذا فعله نهاراً وبات يفعل كذا إذا فعله ليلاً . { قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ } قال الأخفش : فيه حذف والمعنى : هل يسمعون منكم ؟ أو هل يسمعون دعاءكم قال الشاعر : @ القائد الخَيلَ مَنْكُوباً دَوابِرُهَا قد أُحْكِمَتْ حَكَماتِ القِدِّ والأَبَقَا @@ قال : والأَبَق الكَتَّان فحذف . والمعنى وأحكمت حكماتِ الأَبَق . وفي الصحاح : والأَبَق بالتحريك القِنَّب . وروي عن قتادة أنه قرأ { هَلْ يُسْمِعُونَكُمْ } بضم الياء أي هل يسمعونكم أصواتهم { إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ } أي هل تنفعكم هذه الأصنام وترزقكم ، أو تملك لكم خيراً أو ضرّاً إن عصيتم ؟ ٰ وهذا استفهام لتقرير الحجة فإذا لم ينفعوكم ولم يضروا فما معنى عبادتكم لها . { قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } فنزعوا إلى التقليد من غير حجة ولا دليل . وقد مضى القول فيه . { قَالَ } إبراهيم { أَفَرَأَيْتُمْ مَّا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ } من هذه الأصنام { أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمُ ٱلأَقْدَمُونَ } الأوّلون { فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ } واحد يؤدّي عن جماعة ، وكذلك يقال للمرأة هي عدوّ الله وعدوّة الله حكاهما الفراء . قال علي بن سليمان : من قال عدوّة الله وأثبت الهاء قال هي بمعنى معادية ، ومن قال عدوّ للمؤنث والجمع جعله بمعنى النسب . ووصف الجماد بالعداوة بمعنى أنهم عدوّ لي إن عبدتهم يوم القيامة كما قال : { كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } [ مريم : 82 ] . وقال الفراء : هو من المقلوب مجازه فإني عدوّ لهم لأن من عاديته عاداك . ثم قال : { إِلاَّ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ } قال الكلبيّ : أي إلا من عبد ربّ العالمين إلا عابد رب العالمين فحذف المضاف . قال أبو إسحاق الزجاج : قال النحويون هو استثناء ليس من الأوّل وأجاز أبو إسحاق أن يكون من الأوّل على أنهم كانوا يعبدون الله عز وجل ويعبدون معه الأصنام ، فأعلمهم أنه تبرأ مما يعبدون إلا الله . وتأوّله الفراء على الأصنام وحدها والمعنى عنده : فإنهم لو عبدتُهم عدوّ لي يوم القيامة على ما ذكرنا . وقال الجرجاني : تقديره : أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون إلا رب العالمين فإنهم عدوّ لي . وإلا بمعنى دون وسوى كقوله : { لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا ٱلْمَوْتَ إِلاَّ ٱلْمَوْتَةَ ٱلأُولَىٰ } [ الدخان : 56 ] أي دون الموتة الأولى .