Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 59-61)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ } أي القرى الكافر أهلها . { حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِيۤ أُمِّهَا } قرىء بضم الهمزة وكسرها لإتباع الجر يعني مكة و { رَسُولاً } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم . وقيل : { فِي أُمِّهَا } يعني في أعظمها { رَسُولاً } ينذرهم . وقال الحسن : في أوائلها . قلت : ومكة أعظم القرى لحرمتها وأوّلها ، لقوله تعالى : { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ } [ آل عمران : 96 ] وخصت بالأعظم لبعثة الرسول فيها لأن الرسل تبعث إلى الأشراف وهم يسكنون المدائن وهي أمّ ما حولها . وقد مضى هذا المعنى في آخر سورة « يوسف » . { يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا } { يَتْلُوا } في موضع الصفة أي تاليا أي يخبرهم أن العذاب ينزل بهم إن لم يؤمنوا . { وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي ٱلْقُرَىٰ } وسقطت النون للإضافة مثل { ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ } [ النحل : 28 ] . { إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ } أي لم أهلكهم إلا وقد استحقوا الإهلاك لإصرارهم على الكفر بعد الإعذار إليهم وفي هذا بيان لعدله وتقدّسه عن الظلم . أخبر تعالى أنه لا يهلكهم إلا إذا استحقوا الإهلاك بظلمهم ، ولا يهلكهم مع كونهم ظالمين إلا بعد تأكيد الحجة والإلزام ببعثة الرسل ، ولا يجعل علمه بأحوالهم حجة عليهم . ونزّه ذاته أن يهلكهم وهم غير ظالمين ، كما قال عز من قائل : { وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ } [ هود : 117 ] فنصّ في قوله { بِظُلْمٍ } على أنه لو أهلكهم وهم مصلحون لكان ذلك ظلماً لهم منه ، وأن حاله في غناه وحكمته منافية للظلم ، دلّ على ذلك بحرف النفي مع لامه كما قال تعالى : { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ } [ البقرة : 143 ] . قوله تعالى : { وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ } يا أهل مكة { فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتُهَا } أي تتمتعون بها مدّة حياتكم ، أو مدّة في حياتكم ، فإما أن تزولوا عنها أو تزول عنكم . { وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } أي أفضل وأدوم ، يريد الدار الآخرة وهي الجنة . { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } أن الباقي أفضل من الفاني . قرأ أبو عمرو : { يَعْقِلُونَ } بالياء . الباقون بالتاء على الخطاب وهو الاختيار لقوله تعالى : { وَمَآ أُوتِيتُم } . قوله تعالى : { أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاَقِيهِ } يعني الجنة وما فيها من الثواب { كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } فأعطي منها بعض ما أراد . { ثُمَّ هُوَ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ } أي في النار . ونظيره قوله : { وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ } [ الصافات : 57 ] قال ابن عباس : نزلت في حمزة بن عبد المطلب ، وفي أبي جهل بن هشام . وقال مجاهد : نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم وأبي جهل . وقال محمد بن كعب : نزلت في حمزة وعليّ ، وفي أبي جهل وعمارة بن الوليد . وقيل : في عمار والوليد بن المغيرة قاله السدي . قال القشيري : والصحيح أنها نزلت في المؤمن والكافر على التعميم . الثعلبي : وبالجملة فإنها نزلت في كل كافر متع في الدنيا بالعافية والغنى وله في الآخرة النار ، وفي كل مؤمن صبر على بلاء الدنيا ثقة بوعد الله وله في الآخرة الجنة .