Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 28-35)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ } قال الكسائي : المعنى وأنجينا لوطاً أو أرسلنا لوطاً . قال : وهذا الوجه أحب إليّ . ويجوز أن يكون المعنى واذكر لوطاً إذ قال لقومه موبخاً أو محذراً { إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ } { أَئِنَّكُمْ } تقدم القراءة في هذا وبيانها في سورة « الأعراف » . وتقدم قصة لوط وقومه في « الأعراف » و « هود » أيضاً . { وَتَقْطَعُونَ ٱلسَّبِيلَ } قيل : كانوا قطاع الطريق قاله ابن زيد . وقيل : كانوا يأخذون الناس من الطرق لقضاء الفاحشة حكاه ابن شجرة . وقيل : إنه قطع النسل بالعدول عن النساء إلى الرجال قاله وهب بن منبّه . أي استغنوا بالرجال عن النساء . قلت : ولعل الجميع كان فيهم فكانوا يقطعون الطريق لأخذ الأموال والفاحشة ، ويستغنون عن النساء بذلك . { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ ٱلْمُنْكَرَ } النادي المجلس واختلف في المنكر الذي كانوا يأتونه فيه فقالت فرقة : كانوا يخذفون النساء بالحصى ، ويستخفّون بالغريب والخاطر عليهم . وروته أم هانىء عن النبيّ صلى الله عليه وسلم . " قالت أم هانىء : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله عز وجل : { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ ٱلْمُنْكَرَ } قال : « كانوا يخذفون من يمر بهم ويسخرون منه فذلك المنكر الذي كانوا يأتونه » " أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده . وذكره النحاس والثعلبي والمهدوي والماوردي . وذكر الثعلبي قال معاوية قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " إن قوم لوط كانوا يجلسون في مجالسهم وعند كل رجل قصعة فيها الحصى للخذف فإذا مرّ بهم عابر قذفوه فأيهم أصابه كان أولى به " يعني يذهب به للفاحشة فذلك قوله : { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ ٱلْمُنْكَرَ } . وقالت عائشة وابن عباس والقاسم ابن أبي بَزّة والقاسم بن محمد : إنهم كانوا يتضارطون في مجالسهم . وقال منصور عن مجاهد كانوا يأتون الرجال في مجالسهم وبعضهم يرى بعضاً . وعن مجاهد : كان من أمرهم لعب الحمام وتطريف الأصابع بالحناء والصفير والخذف ونبذ الحياء في جميع أمورهم . قال ابن عطية : وقد توجد هذه الأمور في بعض عصاة أمة محمد صلى الله عليه وسلم فالتناهي واجب . قال مكحول : في هذه الأمة عشرة من أخلاق قوم لوط : مضغ العلك ، وتطريف الأصابع بالحنّاء ، وحلّ الإزار ، وتنقيض الأصابع ، والعمامة التي تلف حول الرأس ، والتشابك ، ورمي الجُلاهِق ، والصفير والخذف ، واللوطية . وعن ابن عباس قال : إن قوم لوط كانت فيهم ذنوب غير الفاحشة ، منها أنهم يتظالمون فيما بينهم ، ويشتم بعضهم بعضاً ، ويتضارطون في مجالسهم ، ويخذفون ويلعبون بالنَّرْد والشِّطْرَنج ، ويلبسون المصبغات ، ويتناقرون بالديكة ، ويتناطحون بالكباش ، ويُطرِّفون أصابعهم بالحنّاء ، وتتشبه الرجال بلباس النساء والنساء بلباس الرجال ، ويضربون المكوس على كل عابر ، ومع هذا كله كانوا يشركون بالله وهم أوّل من ظهر على أيديهم اللوطية والسِّحاق . فلما وقفهم لوط عليه السلام على هذه القبائح رجعوا إلى التكذيب واللجاج فقالوا : { ٱئْتِنَا بِعَذَابِ ٱللَّهِ } أي إن ذلك لا يكون ولا يقدر عليه . وهم لم يقولوا هذا إلا وهم مصممون على اعتقاد كذبه . وليس يصح في الفطرة أن يكون معاند يقول هذا . ثم استنصر لوط عليه السلام ربه فبعث عليهم ملائكة لعذابهم ، فجاؤوا إبراهيم أوّلاً مبشرين بنصرة لوط على قومه ، حسبما تقدّم بيانه في « هود » وغيرها . وقرأ الأعمش ويعقوب وحمزة والكسائي : { لَننَجِيَنَّهُ وَأَهْلَهُ } بالتخفيف . وشدّد الباقون . وقرأ ابن كثير وأبو بكر وحمزة والكسائي : { إِنَّا مُنْجُوكَ وَأَهْلَكَ } بالتخفيف . وشدّد الباقون . وهما لغتان : أَنْجَى ونَجَّى بمعنى . وقد تقدّم . وقرأ ابن عامر : { إِنَّا مُنَزِّلُونَ } بالتشديد وهي قراءة ابن عباس . الباقون بالتخفيف . وقوله : { وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَآ آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } قال قتادة : هي الحجارة التي أبقيت . وقاله أبو العالية . وقيل : إنه يرجم بها قوم من هذه الأمة . وقال ابن عباس : هي آثار منازلهم الخربة . وقال مجاهد : هو الماء الأسود على وجه الأرض . وكل ذلك باق فلا تعارض .