Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 26-27)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ } لُوطٌ أوّل من صدّق إبراهيم حين رأى النار عليه برداً وسلاماً . قال ابن إسحاق آمن لوط بإبراهيم وكان ابن أخته ، وآمنت به سارّة وكانت بنت عمه . { وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّيۤ } قال النّخعيّ وقتادة : الذي قال : { إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي } هو إبراهيم عليه السلام . قال قتادة : هاجر من كوثا وهي قرية من سواد الكوفة إلى حرّان ثم إلى الشام ، ومعه ابن أخيه لوط بن هاران ابن تارخ ، وامرأته سارة . قال الكلبي : هاجر من أرض حرّان إلى فلسطين . وهو أوّل من هاجر من أرض الكفر . قال مقاتل : هاجر إبراهيم وهو ابن خمس وسبعين سنة . وقيل : الذي قال : { إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي } لوط عليه السلام . ذكر البيهقي عن قتادة قال : أوّل من هاجر إلى الله عز وجل بأهله عثمان بن عفان رضي الله عنه . قال قتادة : سمعت النضر بن أنس يقول : سمعت أبا حمزة يعني أنس بن مالك يقول : " خرج عثمان بن عفان ومعه رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة ، فأبطأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرهم ، فقدمت امرأة من قريش فقالت : يا محمد رأيت خَتَنك ومعه امرأته . قال : « على أي حال رأيتهما » قالت : رأيته وقد حمل امرأته على حمار من هذه الدَّبَّابة وهو يسوقها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « صحبهما الله إن عثمان لأوّل من هاجر بأهله بعد لوط » " قال البيهقي : هذا في الهجرة الأولى ، وأما الهجرة الثانية إلى الحبشة فهي فيما زعم الواقدي سنة خمس من مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم . { إِلَىٰ رَبِّيۤ } أي إلى رضا ربي وإلى حيث أمرني . { إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } تقدم . وتقدم الكلام في الهجرة في « النساء » وغيرها . قوله تعالى : { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ } أي منّ الله عليه بالأولاد فوهب له إسحاق ولداً ويعقوب ولد ولدٍ . وإنما وهب له إسحاق من بعد إسماعيل ويعقوب من إسحاق . { وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلْكِتَابَ } فلم يبعث الله نبياً بعد إبراهيم إلا من صلبه ، ووحد الكتاب لأنه أراد المصدر كالنبوة ، والمراد التوراة والإنجيل والفرقان . فهو عبارة عن الجمع . فالتوراة أُنزلت على موسى من ولد إبراهيم ، والإنجيل على عيسى من ولده والفرقان على محمد من ولده صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين . { وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي ٱلدُّنْيَا } يعني اجتماع أهل الملل عليه قاله عكرمة . وروى سفيان عن حميد بن قيس قال : أمر سعيد بن جبير إنساناً أن يسأل عكرمة عن قوله جل ثناؤه : { وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي ٱلدُّنْيَا } فقال عكرمة : أهل الملل كلها تدعيه وتقول هو منا فقال سعيد بن جبير : صدق . وقال قتادة : هو مثل قوله : { وَآتَيْنَاهُ فِي ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةً } [ النحل : 122 ] أي عاقبة وعملاً صالحاً وثناء حسناً . وذلك أن أهل كل دين يتولونه . وقيل : { آتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا } أن أكثر الأنبياء من ولده . { وَإِنَّهُ فِي ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ } ليس { فِي الآخِرةِ } داخلاً في الصلة وإنما هو تبيين . وقد مضى في « البقرة » بيانه . وكل هذا حثٌّ على الاقتداء بإبراهيم في الصبر على الدين الحق .