Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 41-43)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْلِيَآءَ كَمَثَلِ ٱلْعَنكَبُوتِ } قال الأخفش : { كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ } وقف تام ، ثم قصّ قصّتها فقال : { ٱتَّخَذَتْ بَيْتاً } قال ابن الأنباري : وهذا غلط لأن { اتَّخَذَتْ بَيْتاً } صلة للعنكبوت ، كأنه قال : كمثل التي اتخذت بيتاً فلا يحسن الوقف على الصلة دون الموصول ، وهو بمنزلة قوله : { كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً } [ الجمعة : 5 ] فيحمل صلة للحمار ولا يحسن الوقف على الحمار دون يحمل . قال الفراء : هو مثل ضربه الله سبحانه لمن اتخذ من دونه آلهة لا تنفعه ولا تضره كما أن بيت العنكبوت لا يقيها حراً ولا برداً . ولا يحسن الوقف على العنكبوت لأنه لما قصد بالتشبيه لبيتها الذي لا يقيها من شيء ، فشبهت الآلهة التي لا تنفع ولا تضر به . { وَإِنَّ أَوْهَنَ ٱلْبُيُوتِ } أي أضعف البيوت { لَبَيْتُ ٱلْعَنكَبُوتِ } . قال الضحاك : ضرب مثلاً لضعف آلهتهم ووهنها فشبهها ببيت العنكبوت . { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } { لَوْ } متعلقة ببيت العنكبوت . أي لو علموا أن عبادة الأوثان كاتخاذ بيت العنكبوت التي لا تغني عنهم شيئاً ، وأن هذا مثلهم لَمَا عبدوها لا أنهم يعلمون أن بيت العنكبوت ضعيف . وقال النحاة : إن تاء العنكبوت في آخرها مزيدة لأنها تسقط في التصغير والجمع وهي مؤنثة . وحكى الفراء تذكيرها وأنشد : @ على هَطَّالهِمْ منهمْ بُيوتٌ كأنّ العنكبوتَ قدِ ابتناهَا @@ ويروى : @ على أهطالهم منهمْ بيوتٌ @@ قال الجوهري والهطال : اسم جبل . والعنكبوت الدويّبة المعروفة التي تنسج نسجاً رقيقاً مهلهلاً بين الهواء . ويجمع عناكِيب وعَنَاكِب وعِكَاب وعُكُب وأَعْكُب . وقد حكي أنه يقال عَنْكَب وعَكَنْبَاة قال الشاعر : @ كأنَّما يَسقطُ من لُغَامها بيتُ عَكَنْبَاةٍ على زِمَامهَا @@ وتصغَّر فيقال عُنَيْكِب . وقد حكي عن يزيد بن مَيْسرة أن العنكبوت شيطان مسخها الله تعالى . وقال عطاء الخراساني : نسجت العنكبوت مرتين مرة على داود حين كان جالوت يطلبه ، ومرة على النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك نهي عن قتلها . ويروى عن عليّ رضي الله عنه أنه قال : طهروا بيوتكم من نسج العنكبوت فإن تركه في البيوت يورث الفقر ، ومنع الخمير يورث الفقر . قوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ } { ما } بمعنى الذي ، و { مِنْ } للتبعيض ، ولو كانت زائدة للتوكيد لانقلب المعنى والمعنى : إن الله يعلم ضعف ما يعبدون من دونه . وقرأ عاصم وأبو عمرو ويعقوب : { يَدْعُونَ } بالياء وهو اختيار أبي عبيد لذكر الأمم قبلها . الباقون بالتاء على الخطاب . قوله تعالى : { وَتِلْكَ ٱلأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا } أي هذا المثل وغيره مما ذكر في « البقرة » و « الحج » وغيرهما { نَضْرِبُهَا } نبينها { لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَآ } أي يفهمها { إِلاَّ ٱلْعَالِمُونَ } أي العالمون بالله كما روى جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " العالم من عقل عن الله فعمل بطاعته واجتنب سخطه " .