Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 154-154)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّن بَعْدِ ٱلْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً } الأمَنَة والأمن سواءٌ . وقيل : الأمنة إنما تكون مع أسباب الخوف ، والأمن مع عدمه . وهي منصوبة بـ « أَنْزَلَ ، » و « نعاسا » بدلٌ منها . وقيل : نصب على المفعول له كأنه قال : أنزل عليكم للأمنة نعاسا . وقرأ ابن مُحَيْصن « أمْنَةً » بسكون الميم . تفضل الله تعالى على المؤمنين بعد هذه الغموم في يوم أُحُد بالنعاس حتى نام أكثرهم وإنما ينعس من يأمن والخائف لا ينام . روى البخاري عن أنس أن أبا طلحة قال : غشينا النعاس ونحن في مَصافِّنا يوم أحد ، قال : فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه ، ويسقط وآخذه . { يَغْشَىٰ } قرىء بالياء والتاء . الياء للنعاس والتاء للأمنة . والطائفة تطلق على الواحد والجماعة . { وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ } يعني المنافقين . مُعَتِّب بن قُشير وأصحابه ، وكانوا خرجوا طمعا في الغنيمة وخوف المؤمنين فلم يغشهم النعاس وجعلوا يتأسّفون على الحضور ، ويقولون الأقاويل . ومعنى { قَدْ أَهَمَّتَهُمْ أَنْفُسُهُم } حملتهم على الهمّ ، والهمّ ما هممت به يقال : أهمّني الشيء أي كان من همي . وأمرٌ مُهِمٌ : شديد . وأهمّني الأمر أقلقني ، وهمني أذابني . والواو في قوله « وطائفةٌ » واو الحال بمعنى إذْ ، أي إذ طائفة يَظُنُّون أن أمر محمد صلى الله عليه وسلم باطل ، وأنه لا يُنصر . { ظَنَّ ٱلْجَاهِلِيَّةِ } أي ظنّ أهْلِ الْجَاهِلِيَّة ، فحذف . { يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ ٱلأَمْرِ مِن شَيْءٍ } لفظه استفهام ومعناه الجحد ، أي ما لنا شيء من الأمر ، أي من أمر الخروج ، وإنما خرجنا كرها يدّل عليه قوله تعالى أخبارا عنهم : { لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا } . قال الزبير : أرسِل علينا النوم ذلك اليوم ، وإني لأسمع قول مُعَتِّب بن قُشير والنعاسُ يغشاني يقول : لو كان لنا من الأَمر شيء ما قُتلنا ها هنا . وقيل : المعنى يقول ليس لنا من الظَّفَر الذي وَعَدَنا به محمد شيءٌ ، والله أعلم . قوله تعالى : { قُلْ إِنَّ ٱلأَمْرَ كُلَّهُ للَّهِ } قرأ أبو عمرو ويعقوب « كُلَّه » بالرفع على الابتداء ، وخبره « لِلَّه » والجملة خبر « إن » . وهو كقوله : { وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ } . والباقون بالنصب كما تقول : إن الأمر أجمع لله فهو توكيد ، وهو بمعنى أجمع في الإحاطة والعموم ، وأجمع لا يكون إلا توكيدًا . وقيل : نعت للأمر . وقال الأخفش : بدل أي النصر بيد الله ينصر من يشاء ويخذل من يشاء . وقال جُويبر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله { يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ ظَنَّ ٱلْجَاهِلِيَّةِ } يعني التكذيب بالقَدَر . وذلك أنهم تكّلموا فيه ، فقال الله تعالى : { قُلْ إِنَّ ٱلأَمْرَ كُلَّهُ للَّهِ } يعني القَدَر خيره وشره من الله . { يُخْفُونَ فِيۤ أَنْفُسِهِم } أي من الشِّرك والكفر والتكذيب . { مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ } يظهرون لك . { يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا } أي ما قُتِل عشائرنا . فقيل : إن المنافقين قالوا لوكان لنا عقل ما خرجنا إلى قتال أهل مكة ، ولَمَا قُتِل رؤساؤنا . فردّ الله عليهم فقال : { قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ } أي لخرج . { ٱلَّذِينَ كُتِبَ } أي فرض . { عَلَيْهِمُ ٱلْقَتْلُ } يعني في اللوح المحفوظ . { إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ } أي مصارعهم . وقيل : { كُتِبَ عَلَيْهُم الْقَتْلُ } أي فرض عليهم القتال ، فعبّر عنه بالقتل لأنه قد يؤول إليه . وقرأ أبو حَيْوَة « لبُرِّزَ » بضم الياء وشد الراء بمعنى يُجعل يَخرج . وقيل : لو تخلفتم أيها المنافقون لبرزتم إلى موطن آخر غيره تُصرعون فيه حتى يَبتلي الله ما في الصدور ويُظهره للمؤمنين . والواو في قوله { وَلِيَبْتَلِيَ } مقحمة كقوله : { وَلِيَكُونَ مِنَ ٱلْمُوقِنِينَ } أي ليكون ، وحذف الفعل الذي مع لام كي . والتقدير { وَلِيَبْتَلِيَ ٱللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ } فرض الله عليكم القتال والحرب ولم ينصركم يوم أحُد ليختَبر صبركم وليْمحِّص عنكم سيئاتكم إن تبتم وأخلصتم وقيل : معنى « ليبتلي » ليعاملكم معاملة المختبر . وقيل : ليقع منكم مشاهدة ما علمه غَيْباً . وقيل : هو على حذف مضاف ، والتقدير ليبتلى أولياء الله تعالى . وقد تقدّم معنى التمحيص . { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } أي ما فيها من خير وشر . وقيل : ذات الصدور هي الصدور لأن ذات الشيء نفسه .