Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 54-54)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَمَكَرُواْ } يعني كفار بني إسرائيل الذين أحس منهم الكفر ، أي قتله . وذلك أن عيسى عليه السلام لما أخرجه قومه وأمه من بين أظهرهم عاد إليهم مع الحواريين وصاح فيهم بالدعوة فهموا بقتله وتواطئوا على الفتك به ، فذلك مكرهم . ومَكْر الله : ٱستدراجه لعباده من حيث لا يعلمون عن الفرّاء وغيره . قال ٱبن عباس : كلما أحدثوا خطيئة جدّدنا لهم نعمة . وقال الزجاج : مكر الله مجازاتهم على مكرهم فسمى الجزاء بٱسم الابتداء كقوله : « اللَّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ » ، « وَهُوَ خَادِعُهُمْ » . وقد تقدّم في البقرة . وأصل المكر في اللغة الاحتيال والخداع . والمكر : خَدَالة الساق . وٱمرأة ممكورة الساقين . والمكر : ضرب من الثياب . ويقال : بل هو المَغَرَة حكاه ٱبن فارس . وقيل : « مكر الله » إلقاء شَبه عيسى على غيره ورَفْع عيسى إليه ، وذلك أن اليهود لما ٱجتمعوا على قتل عيسى دخل البيت هارباً منهم فرفعه جبريل من الكوّة إلى السماء ، فقال مَلِكهم لرجل منهم خبيثٍ يقال له يهوذا : ٱدخل عليه فاقتله ، فدخل الخَوْخَة فلم يجد هناك عيسى وألقى الله عليه شبه عيسى ، فلما خرج رأوه على شبه عيسى فأخذوه وقتلوه وصَلَبوه . ثم قالوا : وجهه يشبه وجه عيسى ، وبدنه يشبه بدن صاحبنا فإن كان هذا صاحبنا فأين عيسى وإن كان هذا عيسى فأين صاحبنا فوقع بينهم قتال فقتل بعضهم بعضاً فذلك قوله تعالى : { وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ ٱللَّهُ } . وقيل غير هذا على ما يأتي . { وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ } ٱسم فاعل من مَكَر يمَكَر مَكْراً . وقد عدّه بعض العلماء في أسماء الله تعالى فيقول إذا دعا به : يا خير الماكرين أمكر لي . وكان عليه السلام يقول في دعائه : " اللهم ٱمكر لي ولا تمكر عليّ " وقد ذكرناه في الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى . والله أعلم .