Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 79-79)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ مَا كَانَ } معناه ما ينبغي كما قال : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً } [ النساء : 92 ] و { مَا كَانَ للَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ } [ مريم : 35 ] . و { مَّا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَـٰذَا } [ النور : 16 ] يعني ما ينبغي . والبشر يقع للواحد والجمع لأنه بمنزلة المصدر والمراد به هنا عيسى في قول الضحّاك والسُّدّي . والكتاب : القرآن . والحكم : العلم والفهم . وقيل أيضاً : الأحكام . أي إن الله لا يصطفي لنبوّته الكَذَبة ، ولو فعل ذلك بشر لسلبه الله آيات النبوّة وعلاماتها . ونصب « ثم يقولَ » على الاشتراك بين « أن يؤتيه » وبين « يقول » أي لا يجتمع لنبيّ إتيان النبوّة وقوله : { كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ ٱللَّهِ } . { وَلَـٰكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ } أي ولكن جائز أن يكون النبيّ يقول لهم كونوا ربّانيّين . وهذه الآية قيل إنها نزلت في نصارى نَجْران . وكذلك رُوي أن السورة كلها إلى قوله : { وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ } [ آل عمران : 121 ] كان سبب نزولها نصارى نَجْران ولكن مُزِج معهم اليهود لأنهم فعلوا من الجَحْد والعِناد فِعلَهم . والربَّانِيُّون واحِدهم ربّانِيّ منسوب إلى الرَّبّ . والربّانِيّ الذي يُرَبّي الناس بصغار العلم قبل كباره وكأنه يقتدي بالرب سبحانه في تيسير الأُمور رُوي معناه عن ٱبن عباس . قال بعضهم : كان في الأصل رَبِّيّ فأدخلت الألف والنون للمبالغة كما يقال للعظيم اللحية لِحْيَانِيّ ولعظيم الجُمّة جُمّاني ولغليظ الرَّقبَة رَقَبانيّ . وقال المبرّد : الربّانيون أرباب العلم ، واحدهم ربّان ، من قولهم : رَبَّه يَرُبّه فهو رَبّان إذا دَبّره وأصلحه فمعناه على هذا يدبّرون أمور الناس ويصلحونها . والألف والنون للمبالغة كما قالوا رَيّان وعطشان ، ثم ضمت إليها ياء النسبة كما قيل : لِحيّانيّ ورَقَبانيّ وجمّانيّ . قال الشاعر : @ لو كنتُ مُرتَهناً في الجَوِّ أنزلني منه الحديث وربَّانيُّ أحباري @@ فمعنى الربّانِيّ العالم بدين الربّ الذي يعمل بعلمه لأنه إذا لم يعمل بعلمه فليس بعالم . وقد تقدم هذا المعنى في البقرة : وقال أبو رزين : الربانيّ هو العالم الحكيم . وروى شعبة عن عاصم عن زِرٍّ عن عبد الله بن مسعود « ولكن كونوا ربّانيين » قال : حكماء علماء . ٱبن جُبير : حكماء أتقياء . وقال الضحاك : لا ينبغى لأحد أن يدع حفظ القرآن جُهدَه فإن الله تعالى يقول : { وَلَـٰكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ } . وقال ٱبن زيد : الربانيُّون الولاة ، والأحبار العلماء . وقال مجاهد : الربانيون فوق الأحبار . قال النحاس : وهو قول حسن لأن الأحبار هم العلماء . والربانيّ الذي يجمع إلى العلم البصَر بالسياسة مأخوذ من قول العرب : رَبّ أمرَ الناس يَرُبّه إذا أصلحه وقام به ، فهو رابُّ وربّانِيّ على التكثير . قال أبو عبيدة : سمعت عالماً يقول : الربانيّ العالمُ بالحلال والحرام والأمر والنهي ، العارفُ بأنباء الأمّة وما كان وما يكون . وقال محمد بن الحنفِيّة يوم مات ٱبنُ عباس : اليومَ مات ربانِيُّ هذه الأُمّة . ورُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما من مؤمن ذكر ولا أنثى حرّ ولا مملوك إلا ولله عز وجل عليه حقّ أن يتعلم من القرآن ويتفقّه في دينه ثم تلا هذه الآية { وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّين } " الآية . رواه ٱبن عباس . قوله تعالى : { بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ ٱلْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ } قرأه أبو عمرو وأهل المدينة بالتخفيف من العلم . وٱختار هذه القراءة أبو حاتم . قال أبو عمرو : وتصديقها « تَدْرُسُون » ولم يقل « تُدَرّسون » بالتشديد من التدريس . وقرأ ٱبن عامر وأهل الكوفة « تُعلّمون » بالتشديد من التعليم وٱختارها أبو عبيد . قال لأنها تجمع المعنيين « تَعْلَمون ، وتدرسون » . قال مَكّيّ : التشديد أبلغ لأن كل معلِّم عالمٌ بمعنى يَعْلم وليس كل من عِلِم شيئاً مُعَلِّماً ، فالتشديد يدل على العلم والتعليم ، والتخفيف إنما يدل على العلم فقط ، فالتعليم أبلغ وأمدح وغيره أبلغ في الذم . ٱحتج من رجح قراءة التخفيف بقول ٱبن مسعود « كونوا ربانيين » قال : حكماء علماء فيبعد أن يقال كونوا فقهاء حكماء علماء بتعليمكم . قال الحسن ، كونوا حكماء علماء بعلمكم . وقرأ أبو حَيْوَة « تُدرِسون » من أدرس يُدرس . وقرأ مجاهد « تَعلّمون » بفتح التاء وتشديد اللام ، أي تتعلمون .