Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 27-27)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَهُوَ ٱلَّذِي يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } أمّا بدْء خلقه فبعلوقه في الرّحم قبل ولادته ، وأمّا إعادته فإحياؤه بعد الموت بالنفخة الثانية للبعث فجعل ما علم من ابتداء خلقه دليلاً على ما يخفى من إعادته استدلالاً بالشاهد على الغائب ، ثم أكد ذلك بقوله { وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } وقرأ ابن مسعود وابن عمر : « يُبْدِىءُ الْخَلْقَ » من أبدأ يبدىء دليله قوله تعالى : { إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ } [ البروج : 13 ] . ودليل قراءة العامة قوله سبحانه : { كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ } [ الأعراف : 29 ] . و « أَهْوَنُ » بمعنى هيّن أي الإعادة هيّن عليه قاله الرَّبيع بن خُثيم والحسن . فأهون بمعنى هيّن لأنه ليس شيء أهونَ على الله من شيء . قال أبو عبيدة : ومن جعل أهون يعبر عن تفضيل شيء على شيء فقوله مردود بقوله تعالى : { وَكَانَ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } [ النساء : 30 ] وبقوله : { وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا } [ البقرة : 255 ] . والعرب تحمل أفعل على فاعل ، ومنه قول الفرزدق : @ إن الذي سَمَك السماء بنى لنا بيتاً دعائمه أعزّ وأطول @@ أي دعائمه عزيزة طويلة . وقال آخر : @ لَعَمْرُكَ ما أدرِي وإني لأوْجَل على أيّنا تَعْدُو المنيّة أوّل @@ أراد : إني لوجِل . وأنشد أبو عبيدة أيضاً : @ إني لأمنْحُكُ الصّدود وإنني قَسَماً إليك مع الصُّدود لأمْيَلُ @@ أراد لمائل : وأنشد أحمد بن يحيـى : @ تَمنّى رجال أن أموت وإن أمُتْ فتلك سبيلٌ لست فيها بأوْحَدِ @@ أراد بواحد . وقال آخر : @ لعمرك إن الزِّبرقان لباذل لمعروفه عند السنينَ وأفضل @@ أي وفاضل . ومنه قولهم : الله أكبر إنما معناه الله الكبير . وروى معمر عن قتادة قال : في قراءة عبد الله بن مسعود « وهو عليه هين » . وقال مجاهد وعكرمة والضحاك : إن المعنى أن الإعادة أهون عليه أي على الله من البداية أي أيسر ، وإن كان جميعه على الله تعالى هيناً وقاله ابن عباس . ووجهه أن هذا مَثَل ضربه الله تعالى لعباده يقول : إعادة الشيء على الخلائق أهون من ابتدائه فينبغي أن يكون البعث لمن قدر على البداية عندكم وفيما بينكم أهونَ عليه من الإنشاء . وقيل : الضمير في « عَلَيْهِ » للمخلوقين أي وهو أهون عليه ، أي على الخلق ، يصاح بهم صيحة واحدة فيقومون ويقال لهم : كونوا فيكونون فذلك أهون عليهم من أن يكونوا نُطَفاً ثم عَلَقا ثم مُضَغا ثم أجِنّة ثم أطفالا ثم غلماناً ثم شبانا ثم رجالاً أو نساء . وقاله ابن عباس وقُطْرُب . وقيل : أهون أسهل قال : @ وهان على أسماء أن شطَّت النَّوَى يحنّ إليها والِهٌ ويتوق @@ أي سهل عليها ، وقال الربيع بن خُثَيم في قوله تعالى : { وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } قال : ما شيء على الله بعزيز . عِكرمة : تعجّب الكفار من إحياء الله الموتى فنزلت هذه الآية . { وَلَهُ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ } أي ما أراده جلّ وعزّ كان . وقال الخليل : المثل الصفة أي وله الوصف الأعلى { فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } كما قال : { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ } [ الرعد : 35 ] أي صفتها . وقد مضى الكلام في ذلك . وعن مجاهد : « الْمَثَلُ الأَعْلَى » قولُ لا إلٰه إلا الله ومعناه : أي الذي له الوصف الأعلى ، أي الأرفع الذي هو الوصف بالوحدانية . وكذا قال قتادة : إن المثل الأعلى شهادةُ أن لا إلٰه إلا الله ويَعْضُده قوله تعالى : { ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ } [ الروم : 28 ] على ما نبيّنه آنفاً إن شاء الله تعالى . وقال الزجاج : « وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَوَاتِ والأَرْضِ » أي قوله : « وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ » قد ضربه لكم مثلاً فيما يصعب ويسهل يريد التفسير الأوّل . وقال ابن عباس : أي ليس كمثله شيء { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } تقدم .