Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 55-55)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقْسِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ } أي يحلف المشركون . { مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ } ليس في هذا رد لعذاب القبر إذ كان قد صحّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم من غير طريق أنه تعوّذ منه ، وأمر أن يتعوّذ منه فمن ذلك ما رواه عبد الله بن مسعود قال : " سمع النبيّ صلى الله عليه وسلم أمَّ حبيبة وهي تقول : اللَّهُمَّ أمتعني بزوجي رسول الله ، وبأبي أبي سفيان ، وبأخي معاوية فقال لها النبيّ صلى الله عليه وسلم : « لقد سألت الله لآجال مضروبة وأرزاق مقسومة ولكن سلِيه أن يعيذك من عذاب جهنم وعذاب القبر » " في أحاديث مشهورة خرجها مسلم والبخارِيّ وغيرهما . وقد ذكرنا منها جملة في كتاب التذكرة . وفي معنى : { مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ } قولان : أحدهما : أنه لا بدّ من خمدة قبل يوم القيامة فعلى هذا قالوا : ما لبثنا غَيْرَ سَاعَةٍ . والقول الآخر : أنهم يعنون في الدنيا لزوالها وانقطاعها ، كما قال تعالى : { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا } [ النازعات : 46 ] كأن لم يلبثوا إلا ساعة من نهار ، وإن كانوا قد أقسموا على غيب وعلى غير ما يدرون . قال الله عز وجل : { كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ } أي كانوا يكذبون في الدنيا يقال : أُفِك الرجلُ إذا صُرف عن الصّدق والخير . وأرض مأفوكة : ممنوعة من المطر . وقد زعم جماعة من أهل النظر أن القيامة لا يجوز أن يكون فيها كذِب لما هم فيه ، والقرآن يدلّ على غير ذلك ، قال الله عز وجل : { كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ } أي كما صُرفوا عن الحق في قَسَمهم أنهم ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يُصرفون عن الحق في الدنيا وقال جل وعز : { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهِ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْكَاذِبُونَ } [ المجادلة : 18 ] وقال : { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ * ٱنظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ } [ الأنعام : 23 24 ] .