Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 32, Ayat: 7-9)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ } قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر : « خَلْقَهُ » بإسكان اللام . وفتحها الباقون . واختاره أبو عبيد وأبو حاتم طلباً لسهولتها . وهو فعل ماضٍ في موضع خفض نعت لـ « ـشيء » . والمعنى على ما روي عن ابن عباس : أحكم كلّ شيء خلَقه ، أي جاء به على ما أراد ، لم يتغيّر عن إرادته . وقول آخر : أن كل شيء خلقه حسن لأنه لا يقدر أحد أن يأتي بمثله وهو دالّ على خالقه . ومن أسكن اللام فهو مصدر عند سيبويه لأن قوله : { أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ } يدلّ على : خَلَق كلّ شيء خَلْقاً فهو مثل : { صُنْعَ ٱللَّهِ } [ النمل : 88 ] و { كِتَابَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } [ النساء : 24 ] . وعند غيره منصوب على البدل من « كلّ » أي الذي أحسن خلق كل شيء . وهو مفعول ثانٍ عند بعض النحويين ، على أن يكون معنى : « أَحْسَنَ » أفهم وأعلم فيتعدّى إلى مفعولين ، أي أفهم كل شيء خلقه . وقيل : هو منصوب على التفسير والمعنى : أحسن كل شيء خلقاً . وقيل : هو منصوب بإسقاط حرف الجر ، والمعنى : أحسن كل شيء في خلقه . وروي معناه عن ابن عباس و { أَحْسَنَ } أي أتقن وأحكم فهو أحسن من جهة ما هو لمقاصده التي أريد لها . ومن هذا المعنى قال ابن عباس وعكرمة : ليست اسْت القرد بحسنة ، ولكنها متقَنة محكمة . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد « أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ » قال : أتقنه . وهو مثل قوله تبارك وتعالى : { ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ } [ طه : 50 ] أي لم يخلق الإنسان على خلق البهيمة ، ولا خلق البهيمة على خلق الإنسان . ويجوز : « خلقه » بالرفع على تقدير ذلك خلقه . وقيل : هو عموم في اللفظ خصوص في المعنى والمعنى : حسّن خَلْق كل شيء حَسَنٍ . وقيل : هو عموم في اللفظ والمعنى ، أي جعل كل شيء خلقه حسناً ، حتى جعل الكلب في خلقه حسناً قاله ابن عباس . وقال قتادة : في اسْت القرد حسنة . قوله تعالى : { وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَانِ مِن طِينٍ } يعني آدم . { ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ } تقدّم في « المؤمنون » وغيرها . وقال الزجاج : « مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ » ضعيف . وقال غيره : « مَهِينٍ » لا خطر له عند الناس . { ثُمَّ سَوَّاهُ } رجع إلى آدم ، أي سوّى خلقه . { وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ } ثم رجع إلى ذرِّيته فقال : { وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ } . وقيل : ثم جعل ذلك الماء المَهين خلقاً معتدلاً ، وركّب فيه الروح وأضافه إلى نفسه تشريفاً . وأيضاً فإنه من فعله وخلقه كما أضاف العبد إليه بقوله : « عَبْدي » . وعبّر عنه بالنفخ لأن الروح في جنس الريح . وقد مضى هذا مبيَّناً في « النساء » وغيرها . { قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } أي ثم أنتم لا تشكرون بل تكفرون .