Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 19-19)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ } أي بخلاء عليكم أي بالحفر في الخندق والنفقة في سبيل الله قاله مجاهد وقتادة . وقيل : بالقتال معكم . وقيل : بالنفقة على فقرائكم ومساكينكم . وقيل : أشِحّةً بالغنائم إذا أصابوها قاله السدي . وانتصب على الحال . قال الزجاج : ونصبه عند الفرّاء من أربع جهات : إحداها : أن يكون على الذم ويجوز أن يكون عنده نصباً بمعنى يعوّقون أشحة . ويجوز أن يكون التقدير : والقائلين أشحة . ويجوز عنده « وَلاَ يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً » أشحة أي أنّهم يأتونه أشحة على الفقراء بالغنيمة . النحاس : ولا يجوز أن يكون العامل فيه « المعوقين » ولا « القائلين » لئلا يفرق بين الصلة والموصول . ابن الأنباري : « إلاَّ قَلِيلاً » غير تام لأن « أَشَّحِةً » متعلق بالأول ، فهو ينتصب من أربعة أوجه : أحدها : أن تنصبه على القطع من « المعوّقين » كأنه قال : قد يعلم الله الذين يعوقون عن القتال ويشحِون عن الإنفاق على فقراء المسلمين . ويجوز أن يكون منصوباً على القطع من « القائلين » أي وهم أشحة . ويجوز أن تنصبه على القطع مما في « يأتون » كأنه قال : ولا يأتون البأس إلا جبناء بخلاء . ويجوز أن تنصب « أشحة » على الذمّ . فمن هذا الوجه الرابع يحسن أن تقف على قوله : { إِلاَّ قَلِيلاً } . { أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ } وقف حسن . ومثله « أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ » حال من المضمر في « سَلَقُوكُمْ » وهو العامل فيه . { فَإِذَا جَآءَ ٱلْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدورُ أَعْيُنُهُمْ كَٱلَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ } وصفهم بالجبن وكذا سبيل الجبان ينظر يميناً وشمالاً محدّداً بصره ، وربما غشي عليه . وفي « الْخَوْف » وجهان : أحدهما : من قتال العدوّ إذا أقبل قاله السدّي . الثاني : الخوف من النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا غلب قاله ابن شجرة . { رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ } خوفاً من القتال على القول الأول . ومن النبي صلى الله عليه وسلم على الثاني . « تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ » لذهاب عقولهم حتى لا يصح منهم النظر إلى جهة . وقيل : لشدّة خوفهم حذراً أن يأتيهم القتل من كل جهة . { فَإِذَا ذَهَبَ ٱلْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ } وحكى الفراء « صلقوكم » بالصاد . وخطيبٌ مِسْلاق ومِصْلاق إذا كان بليغاً . وأصل الصلق الصوت ومنه قول النبيّ صلى الله عليه وسلم : " لعن الله الصالقة والحالقة والشاقّة " قال الأعشى : @ فيهم المجد والمساحة والنّجْـ ـدَةُ فيهم والخاطب السَّلاق @@ قال قتادة : ومعناه بسطوا ألسنتهم فيكم في وقت قسمة الغنيمة ، يقولون : أعطنا أعطنا ، فإنا قد شهدنا معكم . فعند الغنيمة أشَحُّ قومٍ وأبسطهم لساناً ، ووقت البأس أجبن قومٍ وأخوفهم . قال النحاس : هذا قول حسن لأن بعده « أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ » . وقيل : المعنى بالغوا في مخاصمتكم والاحتجاج عليكم . وقال القتبي : المعنى آذوكم بالكلام الشديد . السّلق : الأذى . ومنه قول الشاعر : @ ولقد سلقنا هوازنا بنواهلٍ حتى انحنينا @@ « أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْر » أي على الغنيمة قاله يحيـى بن سلام . وقيل : على المال أن ينفقوه في سبيل الله قاله السدّي . « أولَئِكَ لَمْ يُوْمِنُوا » يعني بقلوبهم وإن كان ظاهرهم الإيمان والمنافق كافر على الحقيقة لوصف الله عز وجل لهم بالكُفر . { فَأَحْبَطَ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ } أي لم يثبهم عليها إذا لم يقصدوا وجه الله تعالى بها . { وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } يحتمل وجهين : أحدهما : وكان نفاقهم على الله هيناً . الثاني : وكان إحباط عملهم على الله هيّناً .